الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص390
فوجه الدلالة أن هذا الخبر يقتضي كل مرة بأن جميع الفيء ملك لرسول الله ( ص ) وظاهر الآية تدل على أن كل الفيء مقسوم على خمسة فاقتضى الجمع بينهما أن يكون معنى الخبر أن أربعة أخماسه خالص لرسول الله ( ص ) ومعنى الآية أن خمسه مقسوم على خمسة حتى يستعمل على وجه لا يتنافيا ولا يسقط واحد منهما بالآخر ، ثم يدل على أبي حنيفة أن ما يملك من المشركين لم يكن جميعه خمسا كالغنيمة ، ثم يدل عليها أنه لما كان أربعة أخماس الغنيمة ملكا للغانمين للوصول إليها بالرعب من المقاتلة وجب أن يكون أربعة أخماس الفيء ملكا للرسول الله ( ص ) للوصل إليه بالرعب منه ، قال النبي ( ص ) : ‘ نصرت بالرعب فالعدو يرهبني مسيرة شهر أو شهرين ‘ .
فأما الجواب عن استدلال أبي حنيفة بأن النبي ( ص ) كان يصرف ذلك في المصالح ، فهو أن أمواله كان يصرفها في طاعة الله ، ولا يدل لقربه إلى الله تعالى بها على أنه غير مالك لها .
وأما الجواب عن استدلال مالك بقول النبي ( ص ) : ‘ ما لي فيما أفاء الله عليكم إلا الخمس ‘ فهو أنه محمول على الغنيمة دون الفيء ، لأنه أضاف ذلك إلينا ، والغنيمة هي المضافة إلينا ، فأما الفيء فهو مضاف إليه لا إلينا .
أحدهما : خمس الخمس من الفيء والغنيمة .
والثاني : أربعة أخماس الفيء ، فأما الصفي من الغنيمة فقد كان مخصوصا به ، فيصطفي من الغنيمة ما شاء من جارية وثوب وعبد وفرس ، وما جرى مجرى ذلك ، وكانت صفية بنت حيي مما اصطفاها لنفسه بخيبر ، ثم أعتقها وتزوجها .
وقيل إنها سميت صفية لأنه اصطفاها لنفسه ، وكانت الصفايا مما يختص بها ملوك العرب من جاهلية ، ومنه قول الشاعر :
فصار رسول الله ( ص ) مالكا لأربعة أموال ، مالين من الغنيمة وهو خمس الخمس ، والصفي ، ومالين من الفيء وهو خمس خمسه ، وأربعة أخماسه .
فأما حكم ذلك بعد وفاته فهو أن ما كان قد ملكه من ذلك في حياته كأموال بني النضير ، والنصف من فدك ، والثلث من وادي القرى ، وثلثه حصون من خيبر الكتيبة ، والوطيح ، والسلالم فهذه صدقة تصدق بها في حياته لا تورث عنه ، وما ملك من ذلك بعد