پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص388

عثمان بن عفان ، وطلحة – رضي الله عنهما – أما عثمان فلتشاغله بتمريض زوجته رقية بنت رسول الله ( ص ) ، وأما طلحة فلأن رسول الله ( ص ) قد كان أنفذه ليتعرف خبر العير وأبي سفيان ، ثم أن الله تعالى نسخ هذه الآية بقوله سبحانه : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) [ الأنفال : 41 ] الآية ، فلما أضاف الله تعالى مال الغنيمة إلى الغانمين ، ثم استثنى من خمسه لرسوله ( ص ) ومن سمى معه أهل الخمس بقوله تعالى : ( فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) دل على أن الباقي من أربعة أخماسه ملك للغانمين كما قال تعالى : ( وورثه أبواه فلأمه الثلث ) [ النساء : 11 ] . فدل إضافة المال إليهما على استثناء الثلث منه للأم يوجب أن يكون الباقي للأب ، ثم يدل على ذلك ما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه تارة موقوفا عليه وتارة مسندا عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ الغنيمة لمن شهد الوقعة ‘ فصار مال الغنيمة مقسوما على خمسة وعشرين سهما ، خمسة منها لأهل الخمس وهم رسول الله ( ص ) وذوي القربى ، واليتامى ، والمساكين ، وابن السبيل ، وفيه خلاف يذكر من بعد وأربعة أخماسه وهو عشرون سهما تقسم بين الغانمين لا يجوز أن يشاركهم فيه غيرهم ، ولا يفضل ذو غنى على غيره ، فهذا حكم مال الغنيمة .

فصل :

[ حكم مال الفيء ]

وأما مال الفيء ، وهي الأموال الواصلة من المشركين بغير قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب ، كالذي انجلى عنه المشركون خوفا ورعبا ، كالأموال التي صالحونا بها عن أنفسهم وديارهم ، وأموالهم استكفافا وتورعا ، والمأخوذة من عشور أموالهم إذا دخلوا علينا فجارا والجزية التي نقرهم بها في دارنا ، وقال : الخراج المضروب على أراضيهم ، والأرضين المأخوذة عفوا منهم ، وقال من مات في دارنا ولا وارث له منهم ، كل ذلك فيء ، لأنه واصل بغير قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب ، هذا هو المنصوص عليه من مذهب الشافعي في الجديد ، وله في التقديم قول آخر : أن الفيء في جميع ذلك ما انجلى عنه المشركون من ذلك خوفا ورعبا ، لقوله تعالى : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ) [ الحشر : 7 ] وما سواه من الجزية والخراج وعشور تجارتهم وميراث من مات منهم لا يكون فيئا ، ويكون مصروفا في المصالح ولا يخمس ، والقول الأول من قوله أصح ، لاستواء جميعها في الوصول إلينا بغير قتال ولا إيجاف خيل ولا ركاب ، وإذا كان جميع ذلك فيئا فقد كان رسول الله ( ص ) في صدر الإسلام يملك جميع الفيء كما ملك جميع الغنيمة ، ولذلك ملك أموال بني النضير ، فكانت مما أفاء الله عز وجل عليه لم يشاركه فيها أحد وصارت من صدقاته التي تصدق بها إلى أن أنزل الله تعالى : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل