پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص387

وقال عطاء بن السائب : الغنيمة ما ظهر عليه من أموال المشركين ، والفيء ما ظهر عليه من الأرضين ، وهذا قول شذ به عن الكافة فكان مطرحا معمل في الفيء من قول الله تعالى : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ) [ الحشر : 7 ] ، ولم يقل من القرى .

والأصل في الغنيمة قوله تعالى : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) [ الأنفال : 41 ] .

والأصل في الفيبء قوله تعالى : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين ) [ الحشر : 7 ] الآية .

فصل :

وقد كانت الغنيمة محرمة على من تقدم من الأنبياء ، وكانت تجمع فتنزل نار من السماء فتحرقها إلى أن أحلها الله تعالى لرسوله ( ص ) لقوله ( ص ) : ‘ أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ‘ إلى أن قال : ‘ وأحلت لي الغنائم ‘ الحديث . فجعلها الله تعالى في صدر الإسلام ملكا لرسوله ( ص ) خالصا دون غيره بقوله تعالى : ( ويسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله ) [ الأنفال : 1 ] . والأنفال : هي الغنائم ، لأن النفل في كلامهم هو الزيادة من الخير ، ومنه صلاة النافلة ، وقال لبيد بن ربيعة :

( إن تقوى ربنا خير نفل
وبإذن الله ريثى وعجل )

فسميت الغنائم أنفالا ، لأنها زيادة مال مستفاد ، وفي السبب الذي نزلت هذه الآية من أجله ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن أهل بدر شكوا في غنائمها فأنزل الله تعالى : ( يسألونك عن الأنفال ) [ الأنفال : 1 ] . ولم يعلموا حكم إباحتها وحظرها حتى سألوا رسول الله ( ص ) عنها فأنزل الله تعالى : ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول ) [ الأنفال : 1 ] .

والثاني : أن شبان المقاتلة يوم بدر تسارعوا إلى القتال ، وثبت الشيوخ تحت الرايات ، فلما فتح الله عليهم قال الشبان : نحن أحق بالغنائم لقتالنا ، وقال الشيوخ : لا تستأثروا علينا فإنا كنا ردءا لكم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية فيهم .

والثالث : أن من شهد بدرا من المهاجرين والأنصار اختلفوا وكانوا أثلاثا في الغنائم أيهم أحق بها فنزلت هذه الآية فيهم ، وجعلها الله لرسوله دونهم حسما لتنازعهم ، فقسمها رسول الله ( ص ) فيهم على رأيه واجتهاده ، وأدخل منهم ثمانية لم يشهدوا بدرا ، منهم