پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص384

فصل :

وإذا أودع رجلا دابة ثم أذن له في ركوبها جاز أن يركبها ، ثم هو قبل الركوب مستودع لا يضمن ، فإذا ركب صار مستعيرا ضامنا ، فإن ترك الركوب لن يسقط عنه الضمان إلا بالرد ، فلو أذن له المودع بعد الكف عن الركوب أن يؤجرها لم يسقط عنه ضمانها قبل تسليمها إلى المستأجر ، وفي سقوطه عنه بعد تسليمها وجهان من عدوان المستودع إذا أبرئ منه – والله أعلم – .

فصل :

وإذا أذن المودع للمستودع في إجارة الدابة التي أودعها إياه فهو على أمانته في يده ، فإذا أخرجها وسلمها فقد ارتفعت يده ، فإذا انقضت مدة الإجارة لم يجز أن يسترجعها إلا بإذن ، ولو أعادها بإذنه جاز أن يسترجعها من المستعير بغير إذنه .

والفرق بينهما : أنها في الإجارة منتزعة من يده بعقد واجب ، وفي العارية بعقد جائز .

فصل :

وإذا دفع الرجل وديعة إلى صبي استودعه إياها كان مغررا بماله ، لأن الصبي لا يباشر حفاظ ماله فكيف مال غيره ، فإن تلفت في يد الصبي لم يخل تلفها من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن تتلف بغير تفريط ولا جناية فلا ضمان عليه فيها ، لأن البالغ لا يضمنها .

والثاني : أن تتلف بتفريط منه فلا ضمان عليه ، وإن ضمنها البالغ ، لأن حفظها لا يلزمه لأن صاحبها هو المفرط دونه .

والقسم الثالث : أن تتلف بجنايته ، ففي وجوب ضمانها في ماله وجهان :

أحدهما : أنها غير مضمونة عليه ، لأن مالكها هو الذي سلطه على استهلاكها فصار كما لو باعه شيئا فاستهلكه لم يضمنه .

والوجه الثاني : أنها مضمونة في ماله ، لأن الائتمان عليها ليس بإذن في استهلاكها ، فصار كمن أباح صبيا شرب ماء في داره وأكل طعامه فدخل واستهلك عليه في منزله شيئا من ماله كان مضمونا عليه .

فصل :

وإذا أودع صبي رجلا وديعة لم يكن للرجل أن يقبلها منه ، لأن الصبي لا نظر له في مال نفسه ، فإن قبلها الرجل منه ضمنها حتى يسلمها إلى وليه ، أو الحاكم فإن ردها على الصبي لم يسقط الضمان عنه ، فلو كان عند أخذ الوديعة من الصبي خائفا عليها من أن يستهلكها فأخذها ليدفعها إلى وليه أو إلى الحاكم فهلكت في يده ففي ضمانه لها وجهان :

أحدهما : لا يضمنها ، لأنه قصد خلاصها .

والوجه الثاني : يضمنها ، لأن يده عليها بغير حق ، وهذان الوجهان من اختلاف قوليه في المحرم إذا خلص طائرا في جارح أو حية فتلف ، ففي ضمانه بالجزاء قولان – والله أعلم بالصواب – .

آخر كتاب الوديعة والحمد لله كثيرا ولله العصمة .