الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص370
تلفت فعليه الضمان ، لتفريطه بالترك ، وإن نص على أن لا تخرج منه ، وإن غشيت نار ، أو حدثت غارة ، فإن كان حيوانا يخاف على نفسه من غشيان النار كان هذا فيه شرطا باطلا ، ولزم إخراجه مع النهي عنه ، كما يلزم علفه ، وإن نهى عنه ، فإن أخرجه لم يضمنه ، وإن تركه ففي ضمانه وجهان كالدابة إذا شرط عليه أن لا يعلفها ، وإن لم يكن حيوانا يخاف تلف نفسه ففي لزوم شرطه وجهان بناء على اختلاف الوجهين المحكيين عن أبي إسحاق المروزي في الوكيل إذا وكل في شراء عبد يعنيه بعشرة فاشتراه بأقل منها ، فإن لم ينهه الموكل عن شرائه بأقل من عشرة صح الشراء ، وإن نهاه ففي لزوم شرط وصحة عقده وجهان :
أحدهما : الشرط باطل ، والشراء صحيح .
والوجه الثاني : أن الشرط لازم ، والشراء باطل كذلك هذا الشرط ، وهذا الموضع يخرج على هذين الوجهين :
أحدهما : يلزم لقطع الاجتهاد بالنص ، فعلى هذا إن أخرجه ضمن وإن تركه لم يضمن .
والوجه الثاني : لا يلزم تغليبا لحكم الاحتياط في نصه ، فعلى هذا إن أخرجه لم يضمن ، وإن تركه ففي ضمانه وجهان على ما ذكرنا في الدابة المنهى عن علفها إذا لم يعلفها ، فأما مؤنة إخراجها ونقلها فإن منع منه كان متطوعا به ، وكذلك لو كان له ولم يجب عليه كان متطوعا به ، وإن وجب عليه كان كالعلف على ما مضى .
قال الماوردي : وهذا كما قال .
إذا أخرج الوديعة من حرز شرط عليه أن لا يخرجها منه فقد ذكرنا أنه إن كان لضرورة لم يضمن ، وإن كان بغير ضرورة ضمن ، فلو اختلف المودع والمستودع فقال المستودع أخرجتها لنار غشيت أو لغارة حدثت فلا ضمان علي ، وقال المودع : بل أخرجتها بغير سبب فعليك الضمان فلا يخلو حال هذه الدعوى في غشيان النار وحدوث الغارة من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يعلمه عيانا أو خبرا أو يرى لذلك أثرا ، فالقول قول المستودع مع يمينه بالله تعالى أنه أخرجها لذلك ، وإنما يلزمه اليمين وإن علمنا حال العذر ، لجواز أن يكون إخراجه لها لغير هذا العذر ، وسواء كان حدوث ذلك في داره أو في جواره .
والقسم الثاني : أن يعلم كذب ما ادعاه من حدوث النار والغارة فدعواه مردودة ، بيقين كذبه ، ولا يمين على المودع ، لاستحالة الدعوى .
والقسم الثالث : أن يكون ما ادعاه ممكنا لجواز أن يكون قد حدث ، ويجوز أن لا يكون ، فيقال للمستودع ألا علمت من الحال السلامة ، والظاهر من إخراجك التعدي ، فإن