الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص369
والرابع : أن يكون المعين حريزا والمنقول إليه حريزا ، فينظر في الحرز المعين فإن لم يكن لرب الوديعة جاز نقلها ولم يضمن ، لأن حقه في الإحراز دون الحرز ، وإن كان ملكا لرب الوديعة ففيه وجهان :
أحدهما : يجوز نقلها ولا يضمنها تغليبا لحكم الحفظ المعتبر مع الإطلاق ، ويضمنها اعتبارا بالتعيين القاطع للاختيار .
والوجه الثاني : لا يجوز له نقلها اعتبارا بالتعيين القاطع للاختيار .
وقال أبو حنيفة : إن نقلها من دار إلى دار ضمن وإن نقلها من بيت إلى بيت أو من صندوق إلى صندوق لم يضمن احتجاجا بأن الدور المختلفة قد تتباين في الإحراز ، والبيوت في الدار الواحدة لا تتباين ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن البيوت من الدار الواحدة قد تختلف في الحرز كاختلاف الدور .
والثاني : أن في نقلها مع التعيين تصرفا غير مأذون فيه ، فصار به متعديا ، وجملة ذلك أن له في نقلها من بلد إلى بلد ، والثاني : من دار إلى دار ، والثالث : من بيت إلى بيت ، والرابع : من صندوق إلى صندوق ، فعندنا يضمن إذا نقلها في هذه الأحوال الأربعة مع التعيين ، وعند أبي حنيفة يضمن في حالتين في البلد والدار ، ولا يضمن في حالتين في البيت والصندوق ، وإن كان الحرز للمستودع ففي لزوم ما شرطه للمودع عليه من أن لا يحرزها منه وجهان :
أحدهما : قول أبي إسحاق المروزي ، أنه شرط واجب ، ومتى أخرجها منه لغير ضرورة ضمن ، لأن المودع لم يرض لإحراز ماله إلا ما عينه .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه شرط لا يجب ، وإن أخرجها من غير ضرورة له لا يضمن ، لأنه لا يملك الحرز وليس يستحق إلا الحفظ .
أحدهما : أن ينص المودع على أن لا يخرجها منه في هذه الأحوال .
والثاني : أن لا ينص ، فإن لم ينص على ذلك بل نهى عن إخراجها منه على الإطلاق جاز مع حدوث هذه الضرورات المتجددة إخراجها ، لأن نهيه عن إخراجها إنما هو لفرط الاحتياط في حفظها ، فلم يجز تركها في مكان يفضي إلى تلفها ، فإن تركها ولم ينقلها حتى