الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص368
قريبة أو بعيدة ، فإن كانت بعيدة ضمن لما في نقلها من ابعادها عن مالكها ، فإن كانت قريبة لم يخل حال الطريق من أن يكون آمنا أو مخوفا فإن كان مخوفا ضمن وإن كان آمنا لم يخل حال القرية التي انتقل عنها من أن تكون مخوفة أو آمنة ، فإن كانت مخوفة لا يأمن على الوديعة فيها من غارة أو حريق ، أو غرق لم يضمن ، وإن كانت آمنة ففي ضمانه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أنه لا يضمن على ما قدمته من رواية اللقطة ، وكما لو نقلها من محلة إلى أخرى .
والوجه الثاني : وهو الأصح عندي ، أنه يضمن ، لأن في إخراج المال عن القرية تغرير لم تدع إليه ضرورة .
قال الماوردي : وجملة حال المودع أنه لا يخلو من أن يعين للمستودع على حرز أو لا يعين ، فإن لم يعين على حرز فعليه أن يحرزها حرز مثلها ، ويجوز له نقلها من ذلك الحرز إلى حرز مثله أو آخر لضرورة أو غير ضرورة ، إذا لم يكن النقل مخوفا ، لأنه قد كان له في الابتداء أن يحرزها حيث شاء فلذلك يجوز أن ينقلها حيث شاء وسواء أحرزها مع ماله أو نقلها مع غير ماله ، وعلى قياس قول أبي سعيد الإصطخري متى أحرزها مع غير ماله أو نقلها مع غير ماله ضمن كالدابة .
أحدهما : لضرورة أمن غشيان نار ، أو حدوث غارة ، فلا ضمان عليه بإخراجها منه إذا كان الطريق في إخراجها مأمونا ، ولو تركها مع حدوث هذه الضرورة لكان لها ضامنا ، لأنه فرط بتركها .
والضرب الثاني : أن ينقلها من ذلك الحرز إلى غيره من غير ضرورة حدثت ، فلا يخلو حال الحرز الذي كانت فيه ، والحرز الذي نقلت إليه من أربعة أقسام :
أحدها : أن يكون المعين غير حريز والمنقول إليه حريزا ، فلا ضمان عليه .
والثاني : أن يكون المعين حريزا والمنقول غير حريز ، فعليه الضمان .
والثالث : أن يكون المعين غير حريز والمنقول غير حريز ، فعليه الضمان ، لأنه قد عدل عن التعيين إلى غيره اختيارا .