الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص365
قال الماوردي : وصورتها في رجل أودع رجلا دابة فلا يخلو حاله عند إيداعها عنده من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يأمره بعلفها .
والثاني : أن ينهاه عن علفها .
والثالث : أن لا يأمره ولا ينهاه .
فأما القسم الأول : وهو أن يأمره بعلفها فعليه أن يربطها في حرز مثلها ، ويعلفها ويسقيها عند حاجتها ، وقدر كفايتها ، فإن علفها مع دوابه في منزله وكان حرزا جاز وإن لم يكن حرزا ضمن ، وإن علفها مع دوابه وفي غير منزله فإن لم يكن حرزا أو كان إلا أن القيم بها إذا لم يشاهده قصر في علفها ضمن ، وإن كان حرزا والقيم بها إذا أفرده بعلفها مع غير دوابه لم يقصر في علفها لم يضمن ، ومراد الشافعي – رضي الله عنه – بإطلاق الضمان ما ذكرنا ، وهو قول جمهور أصحابنا .
وقال أبو سعيد الإصطرخي : متى عزلها عن دوابه وعلفها في غير اصطبله ضمنها بكل حال ، لأن الظاهر من فعل نظيره لنفسه أن اصطبله أحرز ، وعلفها مع دوابه أحوط ، فإن ثبت ما وصفنا من حال حرزها وعلفها فلا يخلو حاله في الإذن من أحد أمرين : إما أن يشترط له الرجوع ، أو لا يشترط له الرجوع ، فإن شرط له الرجوع فقال : أنفق عليها لترجع علي ، أو أنفق علي ففي وجوب تقديره للنفقة وجهان :
أحدهما : يجب تقديرها لتنتفي الجهالة عن ضمانها ، وليزول الخلف بينهما في قدرها ، فعلى هذا إن أنفق عليها من غير تقدير المودع كان متطوعا لا يرجع بنفقته ، وإن قدر له قدرا رجع به ، وإن زاد عليه كان متطوعا .
والوجه الثاني : لا يجب تقديرها لأن لنفقتها حدا يراعى فيه كفايتها فلم يحتج إلى التقدير ، فعلى هذا يجوز إذا كان المالك هو الآذن في النفقة أن يتولاها المستودع بنفسه ، ويقبل قوله في قدرها إذا لم يدع سرفا ، وإن لم يشترط له الرجوع بالنفقة حين أذن فيها ففي جواز رجوعه بها وجهان :
أحدهما : يرجع اعتبارا بالأغلب من حال الإذن .
والثاني : لا يرجع لاحتمال الإذن .