الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص363
بالتصرف وقال أبو حامد المروروذي : يجعله مالكا مع النية إلا بالتصرف فإن نوى حبسها لنفسه وإن لم يردها على ربها ضمنها ، وإن نوى أن يخرجها من حرزها إخراج عدوان لم يضمنها ، وهذا أصح .
والفرق بينهما : أنه إذا نوى أن لا يردها أمسكها لنفسه فضمنها ، وإذا نوى أن يخرجها فقد أمسكها لمالكها فلم يضمنها .
وقال أبو حنيفة ومالك : قد سقط عنه الضمان ، استدلالا بأن الحكم إذا ثبت لعلة زال بزوالها كالشدة المطربة في الخمر ، والردة الموجبة للقتل ، قالوا : ولأنه قد يضمن الوديعة بالإخراج كما يضمن المحرم الصيد بالإمساك ، فلما كان إرسال المحرم للصيد بعد إمساكه مسقطا للضمان ، وجب أن يكون إعادة المستودع لها بعد الإخراج مسقطا للضمان ، قالوا : ولأنه لما كان لو أخرجها من حرز المستودع سارق فضمنها سقط عنه الضمان بردها [ كان أولى إذا أخرجها المستودع فضمنها أن يسقط عنه الضمان بردها ] .
ودليلنا هو أنه ما ضمنت به الوديعة لم يسقط بارتفاع سببه كالجحود ، ولأن من ضمن باليد لم ينفرد بإسقاط الضمان كالغاصب ، ولأن الضمان إذا وجب بالإخراج من الحرز لم يخرج بالرد إلى الحرز كالسارق ، ولأنه قد خرج بالتعدي في الأمانة فلم يعد إليها إلا باستئناف أمانة وإلا كان أمين نفسه ، ولأن الضمان إذا تعلق بذمته لم يكن له سبيل إلا إبراء نفسه بنفسه ، أما استدلالهم بأن الحكم إذا ثبت لعلة زوال بزوالها فالعلة لم تزل ، لأن التعدي الأول انقطع ولم يرتفع ، وأما إرسال المحرم للصيد فإنما سقط عنه الضمان ، لأنه قد أعاده إلى حقه .
ومثاله من الوديعة أن يعيدها إلى مالكها ، وأما السارق من المستودع فقد اختلف أصحابنا في سقوط الضمان عنه إذا رده على المستودع على وجهين :
أحدهما : لا يسقط الضمان عنه لأنه غير مالكه .
والوجه الثاني : قط سقط عنه الضمان ، لأن المستودع على أمانته فصار عودها إلى يده كعودها إلى المالك ، وليس كذلك إذا كان المستودع هو الضامن له ، لأنه قد خرج من الأمانة .