پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص362

حرز ثم أخرجها إلى ما ليس بحرز ، أو يكون قد أعلم بمكانها من أهله من لا يؤمن عليها ، فهذا وما أشبهه من التفريط عدوان يجب به الضمان .

والقسم الثاني : الاستعمال ، مثل أن يستودعه ثوبا فيلبسه أو دابة فيركبها ، أو بساطا فيفترشه فهذا وما شاكله عدوان يجب به الضمان .

والقسم الثالث : خلطها بغيرها ، وذلك ضربان :

أحدهما : أن يخلطها بمال نفسه ، كما لو أودع دراهم فخلطها بدراهم حتى لم تتميز ، فهذا عدوان يوجب الضمان ، وكذلك لو خلطها بدراهم غير المودع أيضا .

والضرب الثاني : أن يخلطها بمال المودع ، كأنه أودع وديعتين من جنس واحد فخلط إحداهما بالأخرى ، ففي تعديه وضمانه بذلك وجهان :

أصحهما يضمنها ، لأن مالكها لما ميزها لم يرض بخلطها ، ولكن لو خلطها بما يتميز منها مثل أن يخلط دراهم بدنانير لم يضمن ، إلا أن يكون خلط الدراهم بالدنانير قد نقص قيمته من الدنانير فيضمن قدر النقصان .

والقسم الرابع : الخيانة ، وهو أن يخرجها ليبيعها ، أو لينفقها ، فهذا عدوان يجب به الضمان وكذلك لو جحدها .

والقسم الخامس : التعرف لها ، مثل أن تكون دراهم فيزنها ، أو يعدها ، أو ثيابا فيعرف طولها وعرضها ، ففي تعديه وضمانه بذلك وجهان :

أحدهما : يضمن ، لأنه نوع من التصرف .

والثاني : لا يضمن ، لأنه قد ربما أراد به فضل الاحتياط .

والقسم السادس : التصرف في بعض ما استظهر به المودع في حرزها وذلك ضربان :

أحدهما : أن يكون منيعا بالقفل الذي يفتحه ، فهذا عدوان بجب به الضمان .

والثاني : أن يكون غير منيع كالختم يكسره ، والشداد يحله ، ففي ضمانه بذلك وجهان أصحهما يضمن ، لما فيه من هتك الحرز ، ولذلك قال عمر – رضي الله عنه – لشريح : طينة خير من طينة يعني أن طينة الختم تنفي التهمة .

والقسم السابع : أن ينوي الخيانة والتعدي ، فقد كان أبو العباس بن سريج يرى أن ذلك موجب لضمانها ويجعل النية فيها كالفعل في وجوب الضمان ، استدلالا بأن النية في تملك اللقطة يقوم مقام التصرف في ثبوت الملك ، فكذلك في ضمان الوديعة ، والذي عليه جمهور أصحابنا أنه لا يضمنها بالنية ، لأن النية إنما تراعى في حقوق الله تعالى لا في حقوق الآدميين ، ولو جاز أن يصير متعديا بالنية لجاز أن يصير خائنا وسارقا بالنية ، ولأن النية ما أثرت في حرزها فلم تؤثر في ضمانها ، غير أنه يأثم بها ، فأما اللقطة فمع النية في تملكها علم ظاهره وهو انقضاء حق التعريف ، وإن كان من أصحابنا من لم يجعله مالكا مع النية إلا