پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص339

ولو أوصى إلى رجل بوصية ثم صح بعدها من مرضه ذلك وعاش دهرا ، ثم مات ، أمضيت وصيته المتقدمة ، ما لم يعلم منه الرجوع في شيء منها .

ولكن لو قال : قد أوصيت إلى فلان بكذا إن مت من مرضي هذا ، فصح منه : بطلت وصيته ، لأن جعلها مشروطة بموته من هذا المرض .

وقال مالك : الوصية بحالها ، ما لم يخرق الموصي كتاب وصيته .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وليس للوصي أن يوصي بما أوصي به إليه لأن الميت لم يرض الموصى إليه الآخر ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال .

إذا أوصى إلى رجل بإنفاذ وصاياه ، والولاية على الأطفال ، ثم حضرت الوصي الوفاة ، لم يكن له أن يوصي بتلك الوصية إلى غيره .

وقال أبو حنيفة :

‘ إن أوصى بها إلى غيره جاز ، ولو أوصى بإخراج ثلثه كان لوصيه القيام بتلك الوصية ، وإن لم يأمره بها استدلالا بأمرين :

أحدهما : أن الوصي قد ملك من النظر بالوصية مثل ما ملك الجد من النظر بنفسه ، فلما جاز للجد أن يوصي بما إليه من النظر ، جاز للوصي أن يوصي إليه بما إليه من النظر .

والثاني : أن ولاية الوصي عامة في حق الموصي ، كما أن ولاية الإمام عامة في حقوق الأمة ، فلما كان للإمام أن يستخلف بعده من يقوم مقامه : جاز للوصي أن يستخلف بعده من يقوم مقامه .

ودليلنا : شيئان :

أحدهما : أن من كانت نيابته عن عقد بطل بالموت كالوكيل .

والثاني : أن استنابته حيا ، أقوى من استنابته ميتا ، فلما لم يصح منه إبدال نفسه بغيره في الحياة ، فأولى أن لا يصح منه إبدال نفسه بغير الوفاة .

فأما الجد : فولايته بنفسه فجاز أن يوصي ، كالأب ، وليس كذلك الوصي ، لأن ولايته بغيره فلم يجز أن يوصي كالحاكم ، على أن نظر الحاكم أقوى لعمومه .

وأما الإمام : فيجوز أن يستخلف بعده إماما ينظر فيما كان إليه من أمور المسلمين ، كما فعل أبو بكر في استخلاف عمر رضوان الله عليهما ، لأنه عام الولاية ، وليس لغيره معه ما إليه ، فجاز أن يختص لفضل نظره بالاستخلاف كما لم يبطل بموته ولاية خلفائه من القضاة والولاة . ومن كان خاص النظر بطل بموته ولاية خلفائه كالقضاة والولاة . على أن من أصحابنا من جعل صحة استخلاف الإمام بعد لإمام ، معتبرا برضى أهل الحل والعقد ورضاهم أن