الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص336
وهذا قول ينكسر عليه ، بقضاء دين الحي إذا عجله الوكيل من ماله ، لم يرجع به في مال موكله ، فكذلك الوصي .
قال الماوردي : وهذا صحيح : يجوز للرجل أن يوصي إلى واحد ، أو إلى جماعة على الاجتماع والانفراد . ويجوز أن يوصي إلى زيد ويجعل عمرا عليه مشرفا ، فيختص الوصي بالعقد والتنفيذ ، ويختص عمرو بالإشراف عليه .
فإن أراد الوصي أن ينفرد بالعقد والتنفيذ من غير مطالعة المشرف : لم يجز . وإن أراد المشرف أن يتولى العقد والتنفيذ لم يجز .
وقال أبو حنيفة : المشرف وصي يجوز أن يفعل ما يفعله الوصي ، لأنها ولاية ، فلم تقف على شيء دون غيره .
وهذا خطأ ، لأن الوصية نيابة عن إذن ، فكانت مقصورة على ما تضمنه الإذن كالوكالة ، وهو لم يجعل إلى المشرف مباشرة عقد أو تنفيذ أمر ، وإنما جعله مشرفا على الوصي في العقد والتنفيذ .
أحدهما : أن يخص كل واحد منهما بشيء من وصيته ، دون صاحبه .
والثاني : أن يشرك بينهما .
فأما إن خص كل واحد منهما بشيء منها ، مثل أن يجعل إلى أحدهما إنفاذ وصاياه ، وإلى الآخر الولاية على أطفاله ، أو يجعل إلى أحدهما إخراج الثلث ، وإلى الآخر قضاء الديون : فولاية كل واحد منهما مقصورة على ما جعل إليه ، وليس له التصرف فيما جعل إلى الآخر ، فللموصى له بإنفاذ الوصايا لا ولاية له على الأطفال ، والموصى له بالولاية على الأطفال ، لا ولاية له في إنفاذ الوصايا .
وقال أبو حنيفة : النظر في الوصية ، لا يتميز ، ولكل واحد منهما النظر في الجميع بما جعل إليه وإلى الآخر . فالوالي على الأطفال إليه إنفاذ الوصايا والوالي على إنفاذ الوصايا ، إليه الولاية استدلالا ، بأنها ولاية فلم تقف على شيء دون غيره ، كولاية الحاكم .
وهذا فاسد ، لأن الوصية ولاية عن عقد فوجب أن تكون مقصورة على ما تضمنه ذلك العقد كالوكالة ، ولأنه لو جمع بينهما في الكل لما جاز أن ينفرد أحدهما بالنظر في الكل ، فإذا خص أحدهما بالبعض ، فأولى لا يجوز له النظر في الكل ، ولأن من أؤتمن على بعض المال ، لم يملك بذلك ثبوت اليد على جميعه ، كالمودع والمضارب .