پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص331

فصل :

وأما الشرط الخامس : وهو العدالة : فلقوله تعالى : ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) [ السجدة : 18 ] .

فكان منع المساواة بينهم ، موصيا لمنع المساواة في أحكامهم ، ولأنه لما منعه الفسق من الولاية على أولاده ، كان أولى أن يمنعه من الولاية على أولاد غيره .

وقال أبو حنيفة : الوصية إليه موقوفة على فسخ الحاكم ، يمضي فيها تصرفه قبل فسخها عليه ، كما قال في الكافر ، وفيما مضى من الكافر دليل عليه في الفاسق .

فإن قيل : فهلا جازت الوصية إليه ، كما جازت الوكالة له ؟ قيل له لأن الوكالة تصرف في حق الأذن ، والوصية تصرف في حق غيره فعلى هذا :

لو أن رجلا أذن لوكيله في التوكيل فوكل الوكيل فاسقا . ففي جواز وكالته وجهان :

أحدهما : لا يجوز لأنه تصرف في حق الغير ، فأشبه الوصية .

والثاني : يجوز لأنه يقوم مقام الوكيل الأول الذي ليس من شرطه العدالة .

فإذا ثبت أن العدالة شرط في صحة الوصية ، فقد اختلف أصحابنا في الوقت الذي يراعي فيه عدالة الوصي على ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه يراعي عدالته عند موت الموصي ، ولا يضر أن يكون فاسقا عند عقد الوصية كما تراعى عدالة الشاهد عند الآداء دون التحمل . وهذا قول أبي إسحاق المروزي .

والوجه الثاني : أنه يراعي عدالة الوصي في الطرفين ، عند الوصية وعند الموت ، ولا يضر أن يكون بين الوصية والموت غير عدل ، لأن وقت الوصية هو حال التقليد ، ووقت الموت هو حال التصرف ، فاعتبر فيهما العدالة ، ولم تعتبر في غيرهما ، وهذا قول أبي سعيد الإصطخري .

والوجه الثالث : وهو أصحها أنه تعتبر عدالته من حين الوصية إلى ما بعد لأن كل زمان منه قد يستحق فيه التصرف لو حدث فيه الموت . فإن طرأ عليه في شيء منه فسق ، بطلت الوصية إليه .

فصل :

فإذا تكاملت هذه الشروط الخمسة في شخص ، كان موضعا للوصية إليه ، فجاز أن يكون وصيا في مال أو على أطفال ، سواء كان رجلا أو امرأة .

وحكي عن عطاء : أن الوصية إلى المرأة لا تصح ، لأن فيها ولاية يعجز النساء عنها .

وهذا فاسد : لأنها وإن كانت ولاية ، فالمغلب فيها الأمانة وجواز الشهادة وقد تجوز شهادة المرأة ، ولأن النبي ( ص ) قال لهند : ‘ خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ‘ .