الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص323
طب المسلمين لأنها شهادة . فإن قالوا غالبه التلف جعلت العطايا من الثلث لكونه مخوفا . وإن قالوا غالبه السلامة فهو غير مخوف . وهكذا لو قالوا غالبه الموت بعد زمان طويل فهو غير مخوف . والعطايا فيه من رأس المال .
فلو مات فقال من شهد بسلامته من الطب أخطأنا قد كنا ظنناه أنه غير موح فبان موحيا : قبل قولهم لأن ما رجعوا إليه من هذا القول أمارة دالة وهو الموت ، فلو اختلفوا في المرض فحكم بعض بأنه مخوف موح . وقال بعضهم غير مخوف : رجع إلى قول الأعلم منهم فإن استووا في العلم ، وأشكل على الأعلم : رجع إلى قول الأكثر منهم عددا . فإن استووا في العدد رجع إلى قول من حكم بالمخوف لأنه قد علم من غامض المرض ما خفي على غيره .
فلو اختلف المعطي والوارث في المرض عند اعوزاز البينة ، فادعى الوارث أنه كان مخوفا ، وقال المعطي غير مخوف : فالقول فيه قول المعطى مع يمينه دون الوارث لأمرين :
أحدهما : أننا على يقين من تقدم السلامة ، وفي شك من حدوث الخوف .
والثاني : أنه مالك لما أعطى فلا ينزعه بعضه بالدعوى .
قال الماوردي : أما مساورة الدم يعني به ملازمة الدم وغلبته . ومنه قول الشاعر :
ومساورة الدم هو ما يسميه الطب : الحمرة وهو أن يغلب الدم بزيادته فلا يسكن بالفصد ، وربما حدث منه الخناق والذبحة فيوصي صاحبه فهو مخوف .
وأما المرار إذا غلب عليه فهو مخوف ، فإن انقلب المرار إلى السوداء فهو غير مخوف ، لأن السوداء قد تفضي بصاحبها إلى أحد أمرين ، إما تغير العقل ، وإما ظهور حكة وبثور ، وذلك في الأغلب غير مخوف .
وأما البلغم إذا غلب فمخوف ، فإن استمر فصار فالجا فهو غير مخوف ، لأن المفلوج قد تسترخي بعض أعضائه فيعيش دهرا .
قال الماوردي : وهذا صحيح : لأن السل قد يطول بصاحبه فيعيش المسلول دهرا لا سيما إذا كان شيخا ، وقد ذكرنا أن المخوف ما كان موحيا ، فإن استدام بصاحبه حتى استسقى وسقط فهو مخوف . والله أعلم .