پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص299

تعالى : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) [ الأحزاب : 56 ] .

فأمر الله تعالى بالصلاة على نبيه ، ولا يجوز أن يأمر بما لا يقبله من الدعاء .

وقال الله تعالى : ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) [ الحشر : 10 ] . فلولا تأثير هذا الدعاء عنده لما ندب إليه .

وروى سليمان بن بلال عن العلاء بن عبد الرحمن ، رواه عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ إذا مات ابن آدم ، انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء ، صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ‘ .

وروى هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة قالت : يا رسول الله : إن أمي اقتتلت نفسها ، ولولا ذلك لتصدقت وأعطيت ، أفيجز لي أن أتصدق عنها ؟ فقال النبي ( ص ) : نعم فتصدقي عنها .

قولها : اقتتلت نفسها ، أي ماتت فلتة من غير وصية .

وروى عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن رجلا قال : يا رسول الله : إن أمي توفيت ، أفينفعها أن أتصدق عنها ؟ قال : نعم ، قال فإن لي لمخرفا وأشهدك أني قد تصدقت به عنها .

ولأن الصلاة على الميت واجبة علينا ، وهي دعاء له ، فاقتضى أن يكون الدعاء لاحقا به ، مسموعا منه في صلاة وغير صلاة .

ولأنه لما لحق الميت قضاء الديون عنه حتى لا يكون مؤاخذا بها ومعاقبا عليها ، ولعله لم يجز ذلك حين جاز في الصدقة ، وإن لم يوص به حيا .

فأما قوله تعالى : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) [ النجم : 39 ] .

فيحتمل أن يكون معناه : وأن ليس على الإنسان . كما قال تعالى : ( وإن أسأتم فلها ) [ الإسراء : 7 ] . أي فعليها ، على أن ما مات عن غيره فيه ، جاز أن يكون في حكم ما يسعى في قصده .

وأما الإيمان : فإنه لا تصح النيابة فيه عن الحي ، فكذلك عن الميت ، وليس كالصدقة ، على أنه قد يتيسر حكم الإيمان عن الإنسان إلى غيره ، كما يكون الأب متيسرا إلى صغار ولده .

فصل :

فإذا تقرر ما وصفنا من عود الثواب إلى الميت ، بفعل غيره ، فما يفعل عنه على أربعة أقسام :

أحدها : ما يجوز أن يفعل عنه بأمره وغير أمره .