الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص294
لم يخلف غيره لأن قدر المحاباة فيه خمسون درهما هي قدر ثلثه فصح جميعها ، فهذا حكم المحاباة في البيع .
فهو أن يشتري المريض عبدا بمائتي درهم ، يساوي مائة .
فقدر المحاباة في ثمنه ، مائة درهم .
فإن صح المشتري من مرضه ، لزمه دفع المائتين ثمنا . وإن مات من مرضه ، نظر في البائع ، فإن كان وارثا ، لا تجوز له المحاباة في المرض وردت وكان مخيرا بين أن يمضي البيع في العبد كله بمائة درهم التي هي ثمن مثله ، وبين أن يفسخ ويسترجع العبد ، لأنه باعه بثمن صار له بعضه ، فلذلك ثبت له الخيار .
فإن اختار إمضاء البيع ، فلا خيار لورثة المشتري ، لأنهم لم يدخل عليهم نقص .
وإن كان البائع أجنبيا : فإن خلف المشتري مع الثمن مائة درهم صحت المحاباة لأن التركة ثلاثة مائة درهم ، وقدر المحاباة مائة درهم ، وهي ثلث التركة .
فلو وجد ورثة المشتري بالعبد عيبا ، لم يعلم به المشتري : كان لهم في الخيار في فسخ البيع ، وإبطال المحاباة ، واسترجاع الثمن كله ، لأن المحاباة إنما تلزمهم عند احتمال الثلث لها إذا لم يحدث خيار يستحق به الفسخ .
ألا ترى أن المريض لو رآه ، لا يستحق به الفسخ . فكذلك ورثته .
وإن لم يخلف المشتري شيئا سوى الثمن وهو مائتا درهم : صحت المحاباة بثلث المائتين ، وذلك ستة وستون درهما ، وثلثا درهم ويكون للبائع الخيار في إمضاء البيع في العبد كله بمائة درهم وستة وستين درهما وثلثي درهم ، ويرد الباقي الذي لا يحتمله الثلث وهو ثلاثة وثلاثون درهما وثلث درهم .
فإذا عاد إلى الورثة معهم عبد يساوي مائة درهم ، صار معهم مائة درهم ، وثلاثة وثلاثون درهما ، وثلث درهم ، فذلك مثلا ما خرج بالمحاباة ، ثم على هذا القياس .
ويكون الفرق بين المحاباة في الشراء ، والمحاباة في البيع من وجهين :
أحدهما : أن ما لا يحتمله الثلث من المحاباة في البيع يكون مردودا من المبيع ، دون الثمن . وما لا يحتمله الثلث من المحاباة في الشراء يكون مردودا من الثمن دون المبيع .
والفرق الثاني : أنه إذا زادت المحاباة في البيع ، كان الخيار للمشتري دون البائع .
وإذا زادت المحاباة في الشراء ، كان الخيار للبائع دون المشتري ، فلو اشترى المريض من مريض عبدا يساوي مائة درهم ، بعبد يساوي مائتي درهم . فمشتري العبد الأعلى غابن فلا خيار لورثته .
ومشتري العبد الأدنى مغبون . فإن لم يخلف غير العبد الذي دفعه ثمنا وقيمته مائتا