الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص272
والضرب الثاني : أن يستدينوا في مصالح أنفسهم ، فيراعى فيهم الفقر ، ولا يجوز أن يعطوا مع الغنى والقدرة .
ثم ينظر فيما استدانوا : فإن كانوا صرفوه في مستحب أو مباح : أعطوا ، وإن صرفوه في معصية : فإن لم يتوبوا منها لم يعطوا ، لما في إعطائهم من إعانتهم عليها وإغرائهم بها .
وإن تابوا ففي إعطائهم وجهان :
أحدهما : ‘ لا يعطون ‘ لهذا المعنى .
والوجه الثاني : يعطون لارتفاعها بالتوبة .
وأقل ما يصرف الثلث في ثلاثة فصاعدا في الغارمين ، وأي الصنفين أعطى منهم أجزأ ، ويكون ما يعطيهم بحسب غرمهم ، قال الشافعي : ‘ ويعطي من له الدين عليهم ، أحب إلي ، ولو أعطوه في دينهم ، رجوت أن يسع ‘ .
فإن صرفه في اثنين : غرم للثالث ، وفيه وجهان :
أحدهما : يضمن ثلث الثلث .
والثاني : أنه يضمن أقل ما يجزئه أن يعطيه ثالثا ويكون ذلك خاصا بغارمي بلد المال ، ومن كان منهم ذا رحم ، أولى لما في صلتها من زيادة الثواب ، فإن لم يكونوا فجيران المال ، لقوله تعالى : ( والجار ذي القربى والجار الجنب ، والصاحب بالجنب ) [ النساء : 36 ] .
ولقوله ( ص ) : ‘ ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ‘ .
قال الشافعي : ‘ وأقصى الجوار بينهم أربعين دارا ، من كل ناحية ‘ ا ه . هكذا لو أوصى لجيرانه ، كان جيرانه منتهى أربعين دارا من كل ناحية .
وقال قتادة : الجار : الدار والداران .
وقال سعيد بن جبير : الذين يسمعون الإقامة .
وقال أبو يوسف : هم أهل المسجد .
ودليلنا : ما روي أن رجلا كان نازلا بين قوم فأتى النبي ( ص ) ليشكوهم ، فبعث النبي ( ص ) أبا بكر وعمر وعليا رضي الله عنهم ، وقال : أخرجوا إلى باب المسجد وقولوا : ألا إن الجوار أربعون دارا ‘ .
وجب صرفه في الغزاة – كما قلنا في الزكاة – ويصرف ذلك في ثلاثة فصاعدا من غزاة