الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص246
ليس هذا على اختلاف قولين ، بل الحكم على حالين ، فالذي جعله في الثلث هو أجرة مثل السير من بلده إلى الميقات .
والذي جعله من رأس المال ، هو أجرة المثل من الميقات .
وقال أبو إسحاق المروزي : وقال أبو علي بن أبي هريرة : إنه يكون ذلك من رأس المال قولا واحدا .
والذي قاله هاهنا أنه يكون في الثلث إذا صرح بأنه في الثلث توفيرا على ورثته . ألا تراه قال : فإن لم يبلغ ، تمم من رأس المال . فإن قلنا : إنه يكون من رأس المال : أحج عنه من ميقات بلده . وإن قلنا : يكون من الثلث ، فعلى وجهين :
أحدهما : من بلده ، والثاني : من ميقات بلده .
والذي قاله هاهنا إذا كان الحج واجبا ، وسواء كان حج الإسلام ، أو نذرا أو قضاءا .
ومن أصحابنا من فرق بين حجة النذر وغيرها . فجعل حجة النذر في الثلث ، لأنه تطوع بإيجابها على نفسه ، وسوى الأكثرون بينها وبين الواجبات .
أحدهما : أن الوصية باطلة .
والثاني : جائزة .
فإذا قيل ببطلان الوصية : كان الحج عن الأجير ، لا عن المستأجر عنه ، وفي استحقاقه للأجر قولان .
فإذا قيل بجواز الوصية ، نظر مخرج كلامه فيها ، فله فيه أربعة أحوال :
أحدها : أن يقول أحجوا عني بمائة درهم من الثلث .
والثاني : أن يقول أحجوا عني بما اتسع له الحج من الثلث .
والثالث : أن يقول أحجوا عني بالثلث .
والرابع : أن يقول أحجوا عني .
فأما الحال الأول : وهو أن يقول : أحجوا عني بمائة درهم من الثلث فلا يزاد عليها ، ولا ينقص ، مع احتمال الثلث لها .
ثم لا يخلو إما أن يسمي من يحج بها ، أو لا يسميه .
فإن لم يسميه : دفعت إلى من يحج بها واحدا من أفضل ما يوجد . ثم لا تخلو المائة من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون بقدر أجرة المثل ، إما من بلده ، أو من الميقات ، فتدفع إلى وارث ، أو غير وارث ، لأنها وإن كانت في الثلث وصية ، فهي في مقابله عمل ، فلم تصر له وصية ،