الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص210
الوصايا في التركة سواء ضاق الثلث عنها أو اتسع لها ، فاقتضى أن يستوي المعين والمقدر مع ضيق الثلث ، كما يستويان مع اتساعه ، ولأن الوصية بالمقدر أثبت من الوصية بالمعين ، ولأن المعين إن تلف بطلت الوصية به والمقدر إن تلف بعض المال : لم تبطل الوصية .
فإذا تقرر استواء المعين ، والمقدر مع ضيق الثلث عنهما : وجب أن يكون عجز الثلث داخلا على أهل الوصايا بالحصص . فإذا أوصى بعبده لرجل ، وقيمته خمس مائة درهم ، وبداره لآخر وقيمتها ألف درهم وبخمسمائة لآخر ، فوصاياه الثلاثة كلها تكون ألفي درهم . فإن كان الثلث ألفين فصاعدا ، فلا عجز ، وهي ممضاة .
وإن كان الثلث ألف درهم ، فقد عجز الثلث عن نصفها ، فوجب أن يدخل القول على جميعها ، ويأخذ كل موصي له بشيء نصفه ، فيعطي الموصي الموصى له بالعبد نصفه وذلك مائتا درهم وخمسون درهما . ويعطى الموصى له بالدار نصفها وذلك خمسمائة . ويعطى الموصى له بالخمسمائة نصفها وذلك مائتا درهم وخمسون درهما . صار جميع ذلك ألف درهم .
وعلى قول أبي حنيفة تسقط الوصية بالخمسمائة المقدرة ، ويجعل الثلث بين الموصى له بالعبد والدار ، فيأخذ كل واحد منهما ثلثي وصيته لدخول العجز بالثلث عليهما . فلو كان الثلث في هذه الوصايا خمسمائة درهم فهو ربع الوصايا الثلاث . فيعطى كل واحد ربع ما جعل له .
ولو كان الثلث ألفا وخمسمائة ، فيجعل لكل واحد منهم ثلاثة أرباع وصيته ثم على هذا القياس والله أعلم .
أحدهما : أن إجازتهم ابتداء عطية منهم لأمرين :
أحدهما أن ما زاد على الثلث منهي عنه ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه .
والثاني : أنهم لما كانوا بالمنع مالكين لما منعوه ، وجب أن يكونوا بالإجازة معطين لما أجازوه .
فعلى هذا : قد ملك أهل الوصايا نصفها بالوصية لاحتمال الثلث لها ولا يفتقر تمليكهم لها إلى قبض . ونصفها بالعطية ، لعجز الثلث عنها ولا يتم ملكهم إلا بقبض .
القول الثاني : وهو أصح ، وبه قال أبو حنيفة : أن إجازة الورثة تنفيذ وإمضاء لفعل الميت ، وأن ذلك مملوك بالوصية دون العطية لأمرين :
أحدهما : أن ما استحقوه بالخيار في عقود الميت لا يكون الورثة بالإمضاء لها عاقدين كالمشتري سلعة إذا وجد وارثه بها عيبا فأمضى الشراء ولم يفسخه : كان تنفيذا ولم يكن عقدا ، فكذلك خياره في إجازة الوصية .