الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص125
وأما استدلالهم بولاية الجد في المال والتزويج فليس ذلك من دلائل القوة في الميراث ، ألا ترى أن الابن لا يلي ولا يزوج وهو أقوى من الأب وإن ولي وزوج .
وأما استدلالهم بأنه لو شاركه في موضع لشاركه في كل موضع ، فالجواب عنه أن كل موضع ورث الجد فيه بالتعصيب الذي شارك فيه فإنه يشاركه في ميراثه لا لميراثهما في نسبه ، وإنما لا يشاركه في الموضع الذي لا يرث الجد فيه بالرحم ، لأنه ليس للأخ رحم يساويه فيها .
وأما استدلالهم بأن الجد لا يخلو من أحوال ثلاثة : فالجواب عنه أن الجد والإخوة مجتمعون على الإدلاء بالأب فلم يضعف عنه الأخ للأب بعد الأم لمساواته فيما أدلى به ، كما لم يقو عليه الأخ للأب والأم بأمه ، وليس كذلك حال الإخوة حالهم بعضهم مع بعض ، لأنهم يدلون بكل واحد من الأبوين فكان من جمعهما أقوى من انفرد بأحدهما ، والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا كما قال لا فرق بين الجد الأدنى والجد الأبعد في مقاسمة الإخوة والأخوات ، فأبعدهم فيه كأقربهم ، كما كان الأبعد في الإدلاء كأقربهم ، فإن قيل فإذا جعلتم الجد الأعلى كالجد الأدنى في مقاسمة الإخوة فهلا جعلتم بني الإخوة معهم كالإخوة ؟ قيل المعني في توريث الجد ما فيه من التعصيب والولادة ، وهذا موجود في البعيد كوجوده في القريب ، كما أن معنى الابن في التعصيب والحجب موجود في ابن الابن وإن سفل ، وليس كذلك حال الإخوة وبنيهم ، لأن مقاسمة الإخوة للجد إنما كان بقوتهم على تعصيب أخواتهم وحجب أمهم ، وبنو الإخوة قد عدموا هذين المعنيين فلا يحجبون الأم ولا يعصبون الأخوات ، فلذلك قصروا عن الإخوة في مقاسمة الجد ولم يقصروا في الجد عن مقاسمة الإخوة كالجد ، فإذا ثبت هذا فحكم الجد الأعلى في الميراث والحجب ومقاسمة الإخوة كالجد الأدنى إلا في حال واحدة وهي أن الجد الأدنى يسقط سائر أمهات الأجداد ، لأنهن ولدنه ، والجد الأعلى لا يسقط أمهات الجد الأدنى ، لأنهن لم يلدنه ، وإنما يسقط أمهات نفسه اللاتي ولدنه ، ثم هو فيما سوى ذلك وفي حجب الإخوة للأم كالجد الأدنى ، والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا ثبت ما وصفنا من أن الجد يقاسم الإخوة والأخوات