پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص92

أبدا وقد قال رسول الله ( ص ) ما قال ، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ثلاث لأن يكون رسول الله ( ص ) بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها الكلالة والخلافة والربا ، وإنما لم يزده النبي ( ص ) في بيان الكلالة ، لأن في الآية من الإشارة ما يكتفي به المجتهد ، وقد كان عمر رضي الله عنه من أهل الاجتهاد ، وإن قصر عن إدراكه لعارض ، وقد اختلف في الكلالة فروي عن ابن عباس في إحدى الروايتين عنه أن الكلالة ما دون الولد تعلقا بقوله تعالى : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد ) [ النساء : 176 ] وقال قوم : الكلالة ولد الأم تعلقا بقوله تعالى : ( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت ) [ النساء : 12 ] يعني في أم فاقتضى أن يكون هو الكلالة .

وقال الجمهور : إن الكلالة ما عدا الولد والوالد ، وهذا قول أبي بكر وعلي ويزيد وابن مسعود رضي الله عنهم وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك .

ووجه ذلك أن ولد الأم لما سقطوا مع الوالد لسقوطهم مع الولد دل على أن الكلالة من عدا الوالد والولد وقد ذكر أبو إسحاق المروزي في شرحه عن عمرو ابن شعيب أن النبي ( ص ) قال : ‘ الأخ من الأب والأم أولى من الكلالة ‘ ولأن الكلالة مصدر من تكلل النسب تشبيها بتكلل أغصان الشجرة على عمودها فالوالد أصلها والولد فرعها من سواهما من المناسبين كالأغصان المتكللة عليها وقيل : إن الكلالة من تكلل طرفاه فخلا عن الآباء والأبناء ، وقيل إن الكلالة مأخوذة من الإحاطة ومنه سمي الإكليل لإحاطته بالرأس فسمي هؤلاء كلالة لإحاطتهم بالطرفين ، وقد قال الفرزدق في سليمان بن عبد الملك في وصول الخلافة إليهم عن آبائهم لا عن غيرهم :

( ورثتم قناة الملك غير كلالة
عن ابن مناف عبد شمس وهاشم )

وقال الآخر :

( فإن أبا المرء أحمى له
ومولى الكلالة لا يغضب )

يعني : مولى غير الوالد والولد .

فصل :

فإذا ثبت أن الكلالة من عدا الوالد والولد فقد اختلفوا هل هو اسم للميت أو للورثة ، فقال قوم : الكلالة اسم الميت إذا لم يكن له ولد ولا والد ، وبه قال أبو بكر وعلي وزيد ابن مسعود رضي الله عنهم وإليه مال الشافعي ، لأن الله تعالى قال : ( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة ) [ النساء : 12 ] فجعل ذلك صفة للموروث ولو كانت صفة للوارث لقال وإن كان رجل يرثه كلالة ولأنه يقال عقيم لمن لا ولد له ، ويتيم لمن لا والد له ، وكلالة لمن لا ولد له ولا والد ، وقال آخرون : الكلالة اسم للورثة إذا لم يكن فيهم ولد ولا والد ، قال الشافعي : وهذا أيضا صحيح .