پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص79

ولأن أموال المشركين يجوز أن تصير إلى المسلمين فهذا أولى أن تصير إليهم إرثا ، ولا يجوز أن تصير أموال المسلمين إلى المشركين قهرا فلم يجز أن تصير إليهم إرثا .

ودليلنا رواية علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ‘ وروي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله ( ص ) ‘ لا يتوارث أهل ملتين ‘ .

وروي عن الزهري قال : كان لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر في عهد رسول الله ( ص ) ولا على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ، فلما ولي معاوية رحمه الله تعالى ورث المسلم من الكافر وأخذ بذلك الخلفاء حتى قام عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فراجع السنة الأولى ثم أخذ بذلك يزيد بن عبد الملك فلما قام هشام بن عبد الملك أخذ بسنة الخلفاء ، ولأن كل ملتين امتنع العقل بينهما امتنع التوارث بينهما كالكافر والمسلم ، ولأن التوارث مستحق بالولاية وقد قطع الله الولاية بين المسلم والذمي فوجب أن ينقطع به التوارث ولأن بعد ما بين المسلم والذمي أعظم مما بين الذمي والحربي فلما لم يتوارث الذمي والحربي لبعد ما بينهما كان أولى أن لا يتوارث المسلم والذمي ، فأما قوله ( ص ) : ‘ الإسلام يزيد ولا ينقص ‘ ففيه تأويلان وكل واحد منهما جواب .

أحدهما : أن الإسلام يزيد بمن أسلم من المشركين ولا ينقص بالمرتدين .

والثاني : أن الإسلام يزيد بما يفتح من البلاد .

وأما النكاح فغير معتبر بالميراث ألا ترى أن المسلم ينكح الحربية ولا يرثها ، وقد ينكح العبد الحرة ولا يرثها ، وأما أخذ أموالهم قهرا فلا يوجب ذلك أن تصير إلينا إرثا ، لأن المسلم لا يرث الحربي وإن غنم ماله وهم يقولون إنه يرث الذمي ولا يغنم ماله فلم يجز أن يعتبر أحدهما بالآخر .

فصل :

فإذا ثبت أنه لا يتوارث أهل ملتين فقد اختلفوا في الكفر هل يكون كله ملة واحدة أو يكون مللا فمذهب الشافعي أن الكفر كله ملة واحدة وإن تنوع أهله وبه قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبه .

وقال مالك : الكفر ملل فاليهودية ملة ، والنصرانية ملة والمجوسية ملة وبه قال من الصحابة علي بن أبي طالب عليه السلام .

ومن التابعين : الحسن البصري وشريح .

ومن الفقهاء : الزهري والثوري والنخعي استدلالا بما أخبر الله تعالى من التقاطع