الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص76
فأتى النبي ( ص ) بميراثه فقال : ‘ التمسوا له وارثا أو ذات رحم ‘ فلم يجدوا له وارثا ولا ذات رحم فقال النبي ( ص ) ‘ أعطوه الكبر من خزاعة ‘ فميز ( ص ) بين الوارث وذي الرحم فدل على أنه غير وارث ثم دفع ميراثه إلى الكبر من قومه وليس ذلك بميراث مستحق وهكذا ما دفعه إلى ابن الأخت والخال لأنه رأى المصلحة في إعطائهم أظهر منها في إعطاء غيرهم وأما الجواب عن قوله ( ص ) ‘ الخالة والدة إذا لم يكن دونها أم ‘ فهو أنه محمول على ما سوى الميراث من الحضانة وإلا فليست الخالة كالأم عند عدمها في الميراث إذا كان هناك وارث فعلم أن مراده به غير الميراث فأما قياسهم بعلة أنه يدلي بوارث فمنتقض ببنت المولى ثم المعنى في العصبة تقديم على المولى .
وأما قياسهم على الجدة فالمعنى فيها : أنها لما شاركت العصبة كانت وارثة وليس ذووا الأرحام مثلها .
وأما الجواب عن قولهم إنهم ساووا جميع المسلمين وفضلوهم بالرحم فهو أنه استدلال يفسد ببنت المولى ، لأنها قد فضلتهم مع المساواة ثم لا تقدم عليهم على أن المسلمين فضلوهم بالتعصب لأنهم يعقلون وكانوا أولى بالميراث ، فإن قيل : لا يجوز أن يكون المسلمون ورثته لجواز وصيته لهم والوصية لا تجوز لوارث قيل هذا باطل بمن لا وارث له ، لأن المسلمين ورثته بإجماع وتجوز الوصية لكل واحد منهم على أن الوصية إنما لا تجوز لوارث معين وليس في المسلمين من يتعين في استحقاق ميراثه ، لأنه معروف في مصالح جميعهم والله أعلم .
وإذ قد مضى الكلام في ذوي الأرحام فالرد ملحق به لأن الخلاف فيهما واحد وكل من قال بتوريث ذوي الأرحام قال بالرد وكل من منع من توريث ذوي الأرحام منع من الرد .
والرد : هو أن تعجز سهام الفريضة عن استيفاء جميع التركة فلا يكون معهم عصبة كالبنت التي فرضها النصف إذا لم يشاركها غيرها وقد بقي النصف بعد فرضها فهل يرد عليها أم يكون لبيت المال وليس لها غير فرضها اختلف الفقهاء فمذهب الشافعي : أن الباقي من التركة بعد سهام ذوي الفروض يكون لبيت المال ولا يرد على ذوي الفروض إذا كان بيت المال موجودا وبه قال زيد بن ثابت وهو مذهب مالك وأهل المدينة وداود .
وقال أبو حنيفة : يرد ما فضل من سهام ذوي الفروض عليهم وهم به أولى من بيت المال وبه قال علي وابن مسعود رضي الله عنهما وأكثر التابعين والفقهاء على خلاف بينهم في مستحقي الرد منهم ، واستدلوا جميعا بوجوب الرد وتقديمهم على بيت المال بما تقدم من عموم قوله تعالى : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ) [ الأنفال : 75 ] وبما روي أن