الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص70
هلك وترك بنتين وقد أخذ عمهما مالهما فلم يدع لهما مالا إلا أخذه ، فما ترى يا رسول الله ؟ فوالله لا ينكحان أبدا إلا ولهما مال ، فقال رسول الله ( ص ) : ‘ يقضي الله في ذلك ‘ فنزلت سورة النساء : ( يوصيكم الله في أولادكم ) [ النساء : 11 ] الآية . فقال رسول الله ( ص ) : ادعوا إلي المرأة وصاحبها فقال للعم : ‘ أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فلك ‘ . وروى ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : مرضت فأتاني رسول الله ( ص ) يعودني هو وأبو بكر ماشيين وقد أغمي علي فلم أكلمه فتوضأ ثم صبه علي فأفقت فقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي ولي أخوات قال فنزلت : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ) [ النساء : 176 ] إلى آخر السورة وقال ابن سيرين نزلت هذه الآية على رسول الله ( ص ) وهو يسير وإلى جنبه حذيفة بن اليمان فبلغها رسول الله ( ص ) حذيفة ، وبلغها حذيفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وهو يسير خلفه فبين الله تعالى في هذه الآي الثلاث ما كان مرسلا ، وفسر فبين ما كان مجملا ، وقدرت الفروض ما كان مبهما ، ثم بين بسنته ( ص ) ما احتيج إلى بيانه ، ثم قال بعد ذلك ‘ إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ‘ ، رواه شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة عن النبي ( ص ) ، ثم دعا إلى علم الفرائض وحث عليه ؛ لأنهم كانوا على قرب عهد بغيره ، ولأن لا يقطعهم عنه التشاغل بعلم ما هو أعم من عباداتهم المترادفة أو معاملاتهم المتصلة فيؤول ذلك إلى انقراض الفرائض ، فروى أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ تعلموا الفرائض فإنها من دينكم وإنه نصف العلم وإنه أول ما ينتزع من أمتي ، وإنه ينسى ‘ . وروى أبو الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض حتى يختلف الرجلان في الفريضة لا يجدان من يخبرهما به ‘ وروى عبد الرحمن بن رافع التنوخي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل آية محكمة أو سنة ماضية وفريضة عادلة ‘ .