الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص57
والوجه الثاني : يقبل منه لأنه قد أدخله تحت ولايته بخلاف الأب وإذا لحق اللقيط بالعبد لم يصر بذلك عبدا لأنه في الفرق تبعا لأمه دون أبيه ولا يسمع قول العبد أنه من أمه لأنه لاحق له في رقه وإنما يسمع ذلك من سيد أمة تدعيه ولدا لها ليصير له بهذه الدعوى عبدا فإن حضر من ادعى عليه هذه الدعوى كان على ما سنذكره في ادعاء رقه فلو كان العبد قد أعتق فادعى بعد عتقه ولدا فإن أمكنه أن يكون مولودا بعد عتقه لحق به صدق السيد أو كذب وإن لم تكن ولادته بعد عتقه ففي لحوقه به مع تكذيب السيد وجهان مضيا .
قال الماوردي : واختلف أصحابنا في تأويل هذه المسألة على ثلاثة أوجه وخلافهم فيها قديم حكاه أبو إسحاق المروزي وغيره .
فأحد الوجوه الثلاثة : أنه لا يقبل منها ادعاء اللقيط ولدا لنفسها إلا ببينة تشهد لها بولادته سواء كانت ذات زوج أو لم تكن بخلاف الرجل الذي يقبل منه دعوى نسبه وإن لم تكن له ببينة والفرق بين الرجل والمرأة أن لحوق الولد بالمرأة يمكن أن يعلم يقينا بمشاهدتها عند ولادته فكانت دعواها أضعف لقدرتها على ما هو أقوى والرجل يلحق به الولد بغلبة الظن دون اليقين فجاز لضعف أسبابه أن يصير ولدا لها بمجرد الدعوى .
والوجه الثاني : أنها إن كانت ذات زوج لم يصر ولدا لها بمجرد الدعوى حتى تقيم بينة بولادته وإن كانت غير ذات زوج قبل منها وألحق بها لأنها إذا كانت ذات زوج أوجب لحوقه بها أن يصير لاحقا بزوجها لأنها له فراش فلم يثبت ذلك إلا ببينة يثبت بها الفراش وإذا لم تكن ذات زوج فلحوقه بها لا يتعداها إلى غيرها كالرجل .
والوجه الثالث : أن مراد الشافعي بذلك أنه لا دعوة لها في إلحاقه بزوجها ولا في ادعائه لنفسها إلا ببينة تقيمها على ولادتها له ردا على طائفة زعمت أن المرأة إذا ادعت ولادة ولد على فراش الزوج كان قولها فيه مقبولا وصار بالزوج لاحقا فأما إذا أرادت أن تدعوه لنفسها ولدا فإنه يلحق بها بمجرد الدعوى كالرجل .