الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص52
لارتفاع القلم عنه وإن كان بعد بلوغه فما لم يدع المقذوف حريته لم يكمل حده وإن ادعى حريته فإن اعترف له اللقيط بالحرية حد لقذفه حدا كاملا ثمانين وإن أنكر الحرية وادعى الرق فعلى القول الذي نجعله فيه مجهول الأصل القول قوله وليس عليه إلا حد العبيد نصف الحد وعلى القول الذي نجعله فيه حرا في الظاهر فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن القول قول المقذوف ويحد له اللقيط حدا كاملا تغليبا لظاهر حاله .
والوجه الثاني : أن القول قول اللقيط القاذف وليس عليه إلا حد العبيد نصف الحد لأن الحدود تدرأ بالشبهات .
والوجه الثالث : أنه إن كان عند ادعاء الرق أقر لسيد بعينه قبل قوله وحد حد العبيد لاستقرار رقه فتعين المالك وإن لم يعينه وادعى رقا مطلقا لغير سيد بعينه لم يقبل قوله وحد حد الأحرار ثمانين .
قال الماوردي : وهذا كما قال لا ولاء على اللقيط لملتقطه ولا لغيره من المسلمين ما لم يثبت عليه رق . وقال أبو حنيفة الولاء ثابت عليه لملتقطه دون غيره . إذا حكم له الإمام بولاية وقال مالك ولاؤه ثابت لجماعة المسلمين . واستدل من أثبت عليه الولاء بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ يجوز للمرأة ثلاثة مواريث عتيقها وميراث لقيطها وميراث ولدها الذي لاعنت عليه ‘ وبما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لرجل التقط منبوذا لك ولاؤه وعلينا نفقته قال ولأنه منعم فجاز أن يستحق الولاء كالمعتق . ودليلنا قوله ( ص ) : ‘ إنما الولاء لمن أعتق ‘ فانتفى الولاء بذلك عمن لم يعتق ولأن من لم يثبت عليه رق لم يستأنف عليه ولاء كالحر الأصلي ولأن ما استحق بالرق انتفى عن غير الرق كالملك ولأن من جرى عليه حكم الحرية في أصله جرى عليه حكم الحرية في فرعه كالمعروف بالحرية طردا وبالعبودية حكما .
فأما الجواب عن الخبر إن صح فحمله على أحد وجهين إما على ميراثه إذا ادعته ولدا أو على ميراثه إذا ادعته عبدا وأما قول عمر رضوان الله عليه لك ولاؤه وعلينا نفقته فيحمل على الكفالة والولاية دون الولاء ، وأما الجواب عن قولهم إنه منعم فمنتقض بمن استنقذ غريقا أو أجار مظلوما أو منح فقيرا فإذا ثبت هذا فميراثه في بيت المال كالحر الذي ولا وارث له .