پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص49

والحال الثانية : أن يكون معتوها فقيرا فينبغي للإمام أن يأخذ الدية من الجاني لينفق منها عليه ويعفو عن القود لأمرين :

أحدهما : ظهور المصلحة بعد حاجته بالفقر .

والثاني : بقاؤه في الأغلب على عتهه بعد البلوغ .

والحال الثالثة : أن يكون عاقلا فقيرا ففيه وجهان :

أحدهما : أنه يحبس قاتله ليختار لنفسه ما شاء من قود أو دية تعليلا بظهور عقله .

والوجه الثاني : أن الإمام يأخذ له الدية ويعفو عن القود تعليلا بحاجته وفقره ولو بلغ فاختار القود ورد الدية ففيه وجهان أحدهما له ذلك والثاني ليس له وعفو الإمام كعفوه وهذان الوجهان بناء على عفو الولي عن نفقته هل له المطالبة بها بعد بلوغه أم لا على وجهين .

والحال الرابعة : أن يكون معتوها غنيا فعلى وجهين : يحبس قاتله ليختار لنفسه بعد بلوغه وإفاقته فإما اعتبارا بغيابه عن الدية .

والثاني : أن للإمام أن يأخذ الدية ويعفو عن القود اعتبارا بعتهه وعدم إفاقته في الأغلب .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وهو في معنى الحر حتى يبلغ فيقر ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح لا نقطع بحرية اللقيط ولا نغلب فيه أحكام العبد أما عدم القطع بحريته فلإمكان ما عداها من الرق . وأما إسقاطها تغليبا لأحكام الرق فلأن الأغلب من دار الإسلام الحرية كما كان الأغلب فيها الإسلام وإنما اختلف قول الشافعي في ظاهر أمره فأحد القولين أنه حر في الظاهر وإن جاز أن يكون عبدا كما أجرينا عليه حكم الإسلام في الظاهر وإن جاز أن يكون كافرا ولأن الرق طارئ والحرية أصل فلأن يجري في الظاهر على حكم الأصل أولى . والقول الثاني أنه مجهول الأصل لإمكان الأمرين وأن الرق قد يجوز أن يكون مستحقا فلم يجز أن نحكم بتغليب غيره عليه وليس كالكفر الذي هو باطل فجاز تغليب الإسلام عليه ومن هذين القولين خرج القولان في استحقاق القود من الحر .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ فإن أقر بالرق قبلته ورجعت عليه بما أخذه وجعلت جنايته في عنقه ‘ .

قال الماوردي : أما إقرار اللقيط قبل بلوغه فغير معمول عليه لا في حرية ولا في رق فإذا بلغ صار إقراره حينئذ معتدا فإن ادعى الحرية وأنكر الرق كان قوله فيها مقبولا وصار حرا في الظاهر والباطن ما لم يقم بينة برقه ولا يقبل منه الإقرار بالرق بعد ادعاء الحرية كما لو بلغ فأقر بالإسلام لم يقبل منه الرجوع إلى الكفر فأما إذا أقر بالرق فإن جعلناه مجهول الأصل كان إقراره بالرق مقبولا وإن جعلناه حرا في الظاهر ففي قبول إقراره بالرق وجهان :

أحدهما : لا يقبل منه إلا أن تقوم بينة لأنه خلاف ما أجري عليه من حكم الظاهر وحكاه أبو حامد المروروذي في جامعه .