پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص41

والقسم الثاني : أن يكون بلده بعيدا وأخباره منقطعة والطارئ إليه أو منه نادر .

كمن بالعراق إذا أراد نقله إلى الشرق أو الغرب فلا حق له في كفالته لإضاعة نسبه وخفاء حاله فلو قال الغريب أنا استوطن بلد اللقيط قلنا أنت حينئذ أحق بكفالته وإنما تمنع منه إذا أردت العود إلى بلدك .

والقسم الثالث : أن يكون بلده بعيدا على أكثر من يوم وليلة لكن أخباره متصلة والوارد منه كثير كالبصرة وبغداد ففي استحقاقه لكفالته وجهان :

أحدهما : لا حق له في كفالته لأن حظ اللقيط في بلده أكثر وحاله فيه أشهر .

والوجه الثاني : أنه مستحق لكفالته لتساوي البلدين في التعليم والتأديب وربما كان في غير بلده أنفع فعلى هذا الوجه يتعين لحاكم بلد اللقيط أن يكتب إلى حاكم بلد الملتقط يذكر حاله وإشهار أمره .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وإن كان قرويا وبدويا دفع إلى القروي لأن القرية خير له من البادية ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا التقطه رجلان أحدهما قروي والآخر بدوي فالقروي أولى له من البدوي ، سواء وجداه في قرية أو بادية لأن القرية أمكن في التعليم وأبلغ في التأديب وأحسن في المنشأ وقد روى أبو حازم عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن اقترب من أبواب السلاطين افتتن ‘ .

معنى قوله من بدا جفا أي من سكن البادية صار فيه جفاء الأعراب وقوله من اتبع السيد غفل يريد من يشتغل به وينقطع إليه تصير فيه غفلة .

فصل :

فإذا انفرد البدوي بالتقاطه فعلى ضربين :

أحدهما : أن يجده في مصر أو قرية فلا حق له في كفالته لأنه لا حظ له في نزول البادية لما ذكرناه .

والضرب الثاني : أن يجده في البادية فلا تخلو حاله من أحد أمرين :

أحدهما : أن يكون ممن يسكن حلة مقيما فيها ولا ينتجع عنها فهو مستحق لكفالته لأن وجوده في البادية يدل على أنه من أهلها . والحال الثانية : أن يكون ممن ينتجع ولا يلزم حلة ولا يقيم في مكان ففي استحقاقه لكفالته وجهان :

أحدهما : يستحق لأن هذا هو الأغلب من حال البادية .

والوجه الثاني : أنه لا حق له فيها لأن مداومة النقلة وملازمة النجعة لا يشتهر بها حاله ولا يعرف معها مكانه مما يلحقه من المشقة في بدنه وتغير العادة في نقلته .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وإن كان عبدا وحرا دفع إلى الحر ‘ .