پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص29

باب الجعالة
مسألة :

قال ولا جعل لمن جاء بآبق ولا ضالة أن يجعل له وسواء من عرف بطلب الضوال ومن لا يعرف به ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال وليس يخلو من رد آبقا أو ضالة من أحد أمرين : إما أن يردها بأمر مالكها أو بغير أمره فإن رد ذلك بغير أمر المالك فقد كان ضامنا باليد وسقط عنه الضمان بالرد ولا أجرة له سواء كان معروفا بطلب الضوال ومن لا يعرف .

وقال مالك إن كان معروفا بطلب الضوال فله أجرة المثل في العبد والبهيمة وإن كان غير معروف بذلك فلا شيء له .

وقال أبو حنيفة إن كان المردود عبدا أو أمة فله إن رد من مسافة ثلاثة أيام فصاعدا أربعون درهما وإن رده من أقل من مسافة ثلاثة أيام فله أجرة المثل ولا شيء له في رد البهيمة وسواء كان برد الضوال معروفا أو غير معروف استدلالا منهما على اختلاف مذهبيهما بما روي عن النبي ( ص ) أنه جعل لمن رد آبقا من خارج الحرة دينارا وروى أصحاب أبي حنيفة تارة موقوفا على ابن مسعود وتارة هكذا عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من رد آبقا فله أربعون درهما ‘ وروي أن رجلا رد ضالة لرجل فقال الناس لقد حاز أجرا عظيما فقال ابن مسعود وله مع ذلك أربعون درهما وكان من مسيرة ثلاثة أيام وروي عن عمر وعلي رضوان الله عليهما أنهما قالا من رد آبقا فله عشرة دراهم وليس لهم في الصحابة مخالف فصار ذلك منهما إجماعا على استحقاق الجعل : قالوا ولأنه حكم موضوع على ما أدى إلى حفظها ورفق أربابها فيها فلو منع الراد لها من جعل يستحقه عليها لامتنع الناس من ردها ولأدى ذلك إلى تلفها ولحوق المشقة الغالبة في طلبها .

ودليلنا عموم قوله ( ص ) : ‘ لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ‘ ولأن المنافع كالأعيان بل أضعف فلما كان لو استهلك أعيانا في رد ضالة من طعام أو علف لم يستحق به عوضا فإذا استهلك منافع نفسه فالأولى أن لا يستحق بها عوضا .