الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص550
مشهورون بسماحة النفوس وقلة الطمع فلولا وجوب المكافأة لما صبر على طمع الأعرابي وآذاه ، لأن العرف الجاري في الناس المكافأة بها يجعله كالشرط فيها ويكون قبول الهبة رضى بالتزامها .
والقول الثاني : وبه قال في الجديد ، وهو مذهب أبي حنيفة أن المكافأة عليها غير واجبة ، لقوله ( ص ) ‘ لا يحل مال امرئٍ مسلمٍ إلا بطيب نفسٍ منه ‘ ، ولأن ما صح تملكه من غير ذكر بدل لم يستحق فيه البدل كالوصية والصدقة ، ولأن العقود لا يختلف استحقاق البدل فيها باختلاف العاقدين لها اعتباراً بسائر العقود من البيع والإجارة في استحقاقه ، والوصية والعارية في إسقاطه .
أحدهما : أن يكون الثواب الذي شرط مجهولاً فالهبة باطلة ، لاشتراط ما ينافيها .
والضرب الثاني : أن يكون معلوماً ففيها قولان :
أحدهما : باطلة ، لما ذكرنا من التعليل .
والقول الثاني : جائزة ، لأنها معاوضة على بدل معلوم كالبيع ، فإن كان بلفظ الهبة فإذا قلنا ببطلان الهبة عند اشتراط الثواب معلوماً كان أو مجهولاً فالموهوب له ضامن لها بالقبض ، لأنها مقبوضة على وجه المعاوضة ، وعليه ردها لفساد العقد ، فلو تلفت في يده كان ضامناً لها كالمقبوض من بيع فاسد بأكثر ما كان قيمته من وقت القبض إلى وقت التلف على أصح المذهبين في ضمان البيع الفاسد ، ولو نقصت مع بقاء عينها ضمن قدر نقصها ، فإذا قلنا بصحة الهبة عند اشتراط الثواب المعلوم فهي كالبيع المحض يستحق فيه خيار المجلس بالعقد وخيار الثلث بالشرط ، ويجوز اشتراط الرهن والضمين فيه ، وإن استحقت الهبة وجب رد الثواب ، وإن استحق الثواب وجب رد الهبة وإن كان الثواب معيناً أو غرم مثله مع بقاء الهبة إن كان الثواب موصوفاً ، وإن ظهر في الهبة عيب كان الموهوب له بالخيار بين المقام والفسخ .
أحدها : أن عليه أن يثيب ويكافئ حتى يرضى الواهب ، لأن النبي ( ص ) لم يزل يكافئ الأعرابي حتى رضي .
والقول الثاني : عليه أن يكافئ بما يكون في العرف ثواباً لمثل تلك الهبة ، لأن الرضى لا ينحصر فكان العرف أولى أن يعتبره .