الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص545
هذا جورعلى ذمة فعله قالوا ولأن تفضيل بعضهم على بعض يؤدي إلى عقوق باقيهم وما نصب على العقوق فهو عقوق ، والعقوق حرام .
ودليلنا قوله ( ص ) ‘ فأرجعه ‘ فلولا تعود الهبة لما أمره بالاسترجاع ثم قوله : ‘ أشهد غيري ‘ دليل على عدم الجواز لأن ما لا يجوز لرسول الله ( ص ) أن يشهد فيه لا يجوز لغيره أن يشهد فيه وإنما أمره بإشهاد غيره استئنافاً ، وهذا جواب ودليل قوله هذا جواب أي ميل يقال فجاز السهم إذا مال عن الرمية فقال ذلك لأنه مال إلى الموهوب له وقد روي أن أبا بكر رضي الله عنه خص عائشة رضي الله عنها بنحل عشرين وسقاً من تمرٍ وقال وددت إنك قد قبضته وهو اليوم من مال الوارث وفضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عاصماً بنخل وخص عبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم ولأنه لما جاز أن يجمع جميعهم جاز أن يعطي جميعهم جاز أن يفعل ذلك بجميعهم كالأجانب ، ولأنه لما جازت هبة بعض الأولاد للأب جازت هبة الأب لبعض الأولاد .
قال الماوردي : وهذا صحيح والحديث متصل ، وليس لواهب أقبض ما وهب أن يرجع فيه إلا أن يكون والداً فيجوز له الرجوع ، فأما من سواه فلا رجوع له سواء كان أجنبياً أو ذا رحم ، وقال أبو حنيفة : رحمه الله : إن وهب لذي رحم محرم لم يجز أن يرجع في هبته له وإن وهب لذي غير رحم جاز الرجوع ، فأما أبو حنيفة فالكلام معه في فصلين :
أحدهما : جواز رجوع الأب في هبته وأبو حنيفة يمنع منه .
والثاني : منع الأجنبي من الرجوع في هبته ، وأبو حنيفة فأما الفصل الأول وهو جواز رجوع الأب في هبته فاستدل أبو حنيفة على المنع من رجوعه بقوله ( ص ) : ‘ لا يحل مال امرئٍ مسلمٍ إلا بطيب نفسٍ منه ‘ فكان عموم هذا يمنع من رجوعه فيما ملك الابن عنه ، وبرواية ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود فيه ‘ وبما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : من وهب لذي رحمٍ لم يرجع ومن وهب لغير ذي رحمٍ رجع ما لم يبيت قال : ولأن الهبة لذي الرحم صدقة ، لأن المقصود بها ثواب الله تعالى دون