الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص542
والفرق الثاني : وهو فرق أبي إسحاق المروزي أن شروط البيع تقابل جزاء من الثمن فإذا بطلت سقط ما قابلها منه فاقضى إلى جهالة الثمن فلذلك بطل البيع بهذا الشرط وليس في العمرى ثمن يقضي هذا الشرط إلى جهالته فلذلك صحت مع الشروط .
فأما رواية جابر أنه أعمر عمري له ولعقبه مع باقي الروايات المطلقة التي هي على العموم إذ ليس تتنافى في ذلك فإذا قلنا بقوله في القديم أن التمليك للرقبة لا يصح فإن الميراث فيها لا يستحق فقد اختلف أصحابنا على هذا القول هل يملك المعمر المعطي الانتفاع بها مدة حياته أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه قد ملك الانتفاع بها مدة حياته وهذا مذهب مالك .
والوجه الثاني : وهو الصحيح أنه لا يملك الانتفاع بها ، لأن التمليك متوجه إلى الرقبة بما ذكرناه وإذا بطل لم يجز أن ينتقل إلى ملك المنفعة كالبيع الفاسد ، فعلى هذا الوجه لو تصرف فيها المعطي وانتفع لم يكن عليه أجرة ، لأنها مباحة له ولأن كل ما لا يضمن بالعقد الصحيح لا يضمن بالعقد الفاسد ، ولكن لو تلفت في يده فإن كان تلفها من غير فعله لم يضمن لما ذكرنا وإن كان تلفها بفعله ضمنها ، لأنه عدوان ، وهو غير مالك لها ، فهذا حكم قوله : ( قد جعلتها لك مدة عمرك ) وإن قلنا بقوله في الجديد أن العطية صحيحة وأن العمرى موروثة فلا رجعة للمعمر المعطي فيها بعد القبض .
أحدهما : وهو قوله في القديم أنها باطلة ، للنهي عنها ولا يملك بها المعمر المعطي المنفعة مدة حياته كما لا يملك لرقبته وجهاً واحداً لأننا قد دللنا على أن التمليك بالعمرى متوجه إلى الرقبة فإذا بطل لم يملك بها المقصود بها غير أنه لم يضمن الأجرة إن سكن أو تصرف فلو كانت العمرى نخلاً فأثمرت لم يملك الثمرة ، ولو كانت شاة فنتجت لم يملك الولد ، فإذا تلفت الثمرة في يده وهلك الولد ، فإن كان بغير فعله لم يضمن ، وإن كانت بفعله ضمن .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد أنها جائزة ، وهي ملك له في حياته ثم لورثته بعد وفاته لرواية أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من أعمر عمرى فهي له ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه ‘ .