الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص534
قال الماوردي : وقد مضى الكلام في الأوقاف وسنذكر أحكام الهبات وهي من العطايا الجائزة بدليل الكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) ( المائدة : 2 ) والهبة بر وقال ( وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ) ( البقرة : 177 ) الآية يعني به الهبة والصدقة وروى أبو هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ لو أهدي إلي ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراعٍ لأجبت ‘ وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) قال : ‘ تهادوا تحابوا ‘ وروي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ إننا نقبل الهدية ونكافئ عليها ‘ وأجمع المسلمون على إباحتها وقيل : إن الهدية مشتقة من الهداية ، لأنه اهتدى بها إلى الخير والتآلف .
وأما الشيء الموهوب فهو كل شيء صح بيعه جازت هبته ، وذلك ما اجتمعت عليه أربعة أوصاف أن يكون مملوكاً وإن كان غير مملوكاً من وقف أو طلق لم يجز وأن يكون معلوماً عليه أربعة أوصاف أن يكون مملوكاً وإن كان غير مملوك من وقف أو طلق لم يجز وأن يكون معلوماً فإن كان مجهولاً لم يجز ، وأن يكون حاضراً ، فإن كان غائباً لم يجز لا يمنع من نقل ملكه مانع ، فإن منع منه مانع كالمرهون وأم الولد لم يجز فهذا حكم الموهوب ، ولا فرق بين المحوز والمشاع سواء كان مما ينقسم ولا ينقسم .
وقال أبو حنيفة : هبة المشاع الذي لا ينقسم جائزة والمشاع الذي ينقسم باطلة ودليلنا قوله تعالى : ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ) ( النساء : 4 ) ولأن كل ما جاز بيعه جازت هبته كالمحوز .