الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص524
مكاتب بعينه كان الوقف جائزاً لأن سهام الزكوات أغلظ حكماً ، وفيها سهم الرقاب ، ولو وقفها على مدبر كان كالعبد وكذلك أم الولد ، ولكن لو وقفها على عبده أو مدبره أو مكاتبه أو أم ولده قبل موته لم يجز ، لأنه كالوقف على نفسه فهذا حكم الشرط الثالث .
أحدهما : باطل كما لو وقفها على من ارتد .
والوجه الثاني : جائز والفرق بين أن يقفها على مرتد فيجوز وبين أن يقفها على من ارتد فلا يجوز من وجهين :
أحدهما : أن الوقف على من ارتد ، وقف على الردة ، والردة معصية ، والوقف على رجل هو مرتد ليس بوقف على الردة فلم يكن وقفاً على معصية .
والفرق الثاني : في الوقف على من ارتد إغراء بالدخول في الردة ، وليس في الوقف على مرتد إغراء بالدخول في الردة ، لأن غيره لو ارتد لم يكن له في الوقف حق ، وفي المسألة الأولى لكل من دخل في الردة إن لو صح الوقف .
فأما إذا وقفها على مسلم وارتد عن الإسلام فالوقف صحيح وأبطله أهل العراق ، وهذا خطأ ، لأن أملاك المسلمين لا يبطل بالردة فصار الوقف على المرتد ينقسم على هذه الأقسام الثلاثة :
باطل : وهو أن ينفقه على من ارتد .
وجائز : وهو أن ينفقه على مسلم فيرتد .
ومختلف فيه : وهو أن يقفه على رجل مرتد .
فأما الوقف على اليهود والنصارى فجائز سواء كان الواقف مسلماً أو غير مسلم ، لأن الصدقة عليهم جائزة ، وإن منعوا المفروض منها ، فلو وقف على رجل ليحج عنه ولا يكون وقفاً على نفسه ، لأنه لا يملك شيئاً من غلته ، فلو ارتد عن الإسلام لم يجز أن يصرف الوقف والحج عنه ، لأن الحج عن المرتد لا يصح وصرف في الفقراء والمساكين ، فإن عاد إلى الإسلام أعيد الوقف إلى الحج عنه ، ولو وقفها في الجهاد عنه جاز ، فلو ارتد الواقف عن الإسلام كان الوقف على حاله مصروفاً في المجاهدين عنه ، والفرق بين الحج والجهاد أن المرتد لا يصح منه الحج ويصح منه الجهاد ، فأما الوقف على الكنائس والبيع فباطل سواء كان الواقف مسلماً أو ذمياً ، لأنها موضوعة للاجتماع على معصية ، ولو وقف داراً ليسكنها