الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص523
على من يولد لي ثم على أولادهم وأولاد أولادهم ما تناسلوا ، فهذا وقف باطل ، لأن من يولد له معدوم ، ومن هذا الوجه صار ملحقاً بالهبات ثم يكون ما وقفه على ملكه قولاً واحد بخلاف ما وقفه وقفاً مرسلاً لما ذكرنا من الفرق بين الأمرين .
وأما القسم الثالث : وهو أن يكون على أصل موجود وفرع معدوم فهو ما ذكرنا من المقدر والمنقطع وفيه ما وصفنا من القولين .
وأما القسم الرابع : هو أن يكون على أصل معدوم وفرع موجود ، فهو أن يقول : وقفتها على من يولد لي ، ثم على أولادهم ، فإذا انقرضوا فعلى الفقراء والمساكين ، فقد اختلف أصحابنا فكان أبو علي بن أبي هريرة يخرجها على قولين كما لو كان على أصل موجود وفرع معدوم .
أحدهما : باطل لعدم أصله .
والثاني : جائز لوجود فرعه وكان أبو إسحاق المروزي يجعل الوقف باطلاً قولاً واحداً ، وهذا هو الصحيح ، والفرق بين هذا ويبن أن يكون على أصل موجود وفرع معدوم أن ما عدم أصله فليس له مصرف في الحال ، وإنما ينتظر له مصرف في ثاني حال ، فبطل وما وجد ، فله مصرف في الحال ، وأما ما يخاف عدم مصرفه في ثاني حال فلو قال : وقفتها على الفقراء والمساكين إلا أن يولد لي ولد فيكون الوقف له ولولده وأولادهم ما تناسلوا ، وإذا انقرضوا فالفقراء والمساكين ، وهذا وقف جائز ، لأن الفقراء فيه أصل وفرع ، وإنما جعل ما بين الأصل والفرع معدوماً ، فلم يمنع من صحة الوقف ، كما لو وقفه على ولد له موجود ثم على أولاده الذين لم يولدوا بعد ثم على الفقراء والمساكين كان الوقف جائزاً فهذا حكم الشرط الثاني وما تفرع عليه .
والشرط الثالث : أن يكون على جهة تصح ملكها أو التملك لها ، لأن غلة الوقف مملوكة ، ولا تصح إلا فيما يصح أن يكون شيء من ذلك مالكاً .
قيل : هذا وقف على كافة المسلمين وإنما عين مصرفه في هذه الجهة فصار مملوكاً مصروفاً في هذه الجهة من مصالحهم .
فعلى هذا لو قال : وقفت داري على دابة زيد لم يجز ، لأن الدابة لا تملك ولا يصرف ذلك في نفقتها ، لأن نفقتها تجب على المالك ، وهكذا لو قال : وقفتها على دار عمرو لم يجز ، لأن الدار لا تملك فلو وقفها على عمارة دار زيد ، نظر فإن كانت دار زيد وقفاً صح هذا الوقف ، لأن الوقف طاعة وحفظ عمارته قربة ، فصار كما لو وقفها على مساجد أو رباط أو كانت دار زيد ملكاً طلقاً . بطل هذا الوقف عليها ، لأن الدار لا تملك وليس استيفاؤها واجباً إذ لزيد بيعها ، وليس في حفظ عمارتها طاعة ، ولو وقفها على عبد زيد ، نظر فإن كان الوقف على نفقة العبد لم يجز ، لأن نفقته على سيده وإن كان الوقف ليكون العبد مالكاً لغلته فعلى قولين من اختلاف قوليه في العبد هل يملك إذا ملك أم لا ؟ ولو وقفها على المكاتبين أو على