پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص486

باب ما يكون إحياءٌ
مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ والإحياء ما عرفه الناس إحياءٌ لمثل المحيا إن كان مسكناً فبأن يبني بمثل ما يكون مثله بناءً وإن كان للدواب فبأن يبني محظرةً وأقل عمارة الزرع التي تملك بها الأرض أن يجمع تراباً يحيط بها تتبين به الأرض من غيرها و يجمع حرثها وزرعها وإن كان له عين ماءٍ أو بئرٌ حفرها أو ساقه من نهرٍ إليها فقد أحياها ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح وإنما أطلق رسول الله ( ص ) ذكر الإحياء ولم يقيده وإن كان مختلفاً ، لأن للناس فيه عرفاً وكلهم إليه كما أطلق ذكر الحرز في قطع السارق والتفريط في البيع والقبض ، لأن للناس فيه عرفاً لأن ما لم يتقدر في الشرع ولا في اللغة كان تقديره مأخوذاً من العرف ، وإذا كان هكذا فعرف الناس في الإحياء يختلف بحسب اختلاف المحيا فيقال للمحيي لماذا تريد إحياؤه ؟ فإن قال أريد إحياؤه للسكنى قيل فأقل الإحياء الذي تصير به مالكاً أن تبني حيطاناً تحظر ، وسقفاً يورى ، فإذا بنيت الحيطان والسقف فقد أحييته وملكته ، ولو بنيت ولم تسقف لم يكمل الإحياء ولم يستقر الملك ، لأن سكنى ما لم يسقف غير معهود في العرف .

فصل

: فإن قال أريد إحياؤه للدواب أو الغنم فأقل الإحياء لذلك أن تبني حيطاناً فتصير بذلك محيياً مالكاً ، لأن الدواب والغنم قد لا تحتاج في العرف إلى سقف ، فلو لم يبني حيطانها ولكن عبأ الأحجار حولها فذلك تحجير يصير به أولى من غيره وليس بإحياء يصير به مالكاً ، وهكذا لو حظر عليها بغصب إلا أن يكون ذلك مكاناً جرت عادة أهله أن يبنوا أوطانهم بالقصب كعرين بين آجام البطائح فيصير بذلك محيياً اعتباراً بالعرف فيه ، وهكذا في بلاد جبلان عرفهم أن يبنوا منازل أوطانهم بالخشب فيصير بناؤها بذلك إحياء يتم به الملك لعرفهم به وإن لم يكن في غير بلادهم إحياء .

فصل

: فإن قال أريد إحيائها للزرع فلا بد لها من ثلاثة شروط :

أحدها : أن يجمع لها تراباً يحيط بها ويميزها عن غيرها ، وهو الذي يسميه أهل العراق سناه .

والشرط الثاني : أن يسوق الماء إليها إن كانت يبساً من نهر أو بئر ، وإن كانت بطائح حبس الماء عنها ، لأن إحياء البطائح يحبس الماء على شروطه .