پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص484

الصريمة والغنيمة يأتيني بعياله فيقول يا أمير المؤمنين : يا أمير المؤمنين : أتاركهم أنا ؟ لا أباً لك فالكلأ أهون علي من الدينار والدرهم وايم الله نودي أني قد طلحتهم إنما أكلأهم والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبراً .

فأما قوله : ‘ المسلمون شركاء في ثلاث ‘ فهو عام خص منه الحمى على أن الحمى يشرك فيه المسلمون ، لأن نفع الحمى يعود على كافتهم من الفقراء والأغنياء ، أما الفقراء فلأنه مرعى صدقاتهم ، وأما الأغنياء فلخيل المجاهدين عنهم ، وأما قوله لا حمى إلا الله فمعناه لا حمى إلا أن يقصد به وجه الله كما فعل رسول الله ( ص ) فيسلم فيما حماه للفقراء المسلمون وفي مصالحهم وخالفاً فيه فعل الجاهلية فإن العربي في الجاهلية كان إذا استولى على بلد أوفى بكلب فجعله على جبل أو على شيء من الأرض واستعواه فحيث انتهى عواه حماه لنفسه فلا يرعى فيه غيره ويشارك الناس فيما سواه ، وهكذا كان كليب بن وائل إذا أعجبته روضة ألقى فيها كلباً وحمى إلى منتهى عوائه ، وفيه يقول معبد بن شعبة الضبي كفعل كليب كنت أنبئت أنه مخطط أكلأ المياه ويمنع وقال العباس بن مرداس كما بغيها كليب لظلمة من العز حتى ضاع وهو قتلها على وائل أن يترك الكلب هائجاً وإذ يمنع الأكلأ منها حولها .

فصل

: وأما حمى الواحد من عوام المسلمين فمحظور وحماه مباح ، لأنه إن حمى لنفسه فقد تحكم وتعدى بمنعه ، وإن حماه للمسلمين فليس من أهل الولاية عليهم ولا فيمن يؤثر اجتهاده لهم ، وقد روى أبو هانئ عن أبي سعيد عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ لا تمانعوا فضل الماء ولا فضل الكلأ فيعزل الماء ويجوع العيال ‘ فلو أن رجلاً من عوام المسلمين حمى مواتاً ومنع الناس منه زماناً رعاه وحده ثم ظهر الإمام عليه ورفع يده عنه ولم يغرم ما رعاه ، لأنه ليس لمالك ولا يعزره لأنه أحد مستحقيه ونهاه عن مثل تعديه ، فأما أمير البلد ووالي الإقليم إذا رأى أن يحمي لمصالح المسلمين كالإمام فليس له ذلك إلا بإذن الإمام ، لأن اجتهاد الإمام أعم ، ولكن لو أن والي الصدقات اجتمعت معه مواشي الصدقة وقل المرعى لها وخاف عليها التلف إن لم يحمي الموات لها فإن منع الإمام من الحمى كان والي الصدقات أولى ، وإن جوز الإمام الحمى ففي جوازه لوالي الصدقات عندما ذكرنا من حدوث الضرورة به وجهان :

أحدهما : يجوز كما يجوز من غير الضرورة فعلى هذا يتعزر الحمى بزمان الضرورة ولا يستديم بخلاف حمى الإمام .

والوجه الثاني : لا يجوز أن يحمي ، لأنه ليس له أن يرفع الضرر عن أموال الفقراء