الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص467
أحدهما : وهو مذهب المزني : أن الإجارة باطلة ، لأنه لما لم يخيره بين الأمرين وجمع بينهما صار ما يزرع منها ويغرس مجهولاً ، وهذا قول أبي إسحاق .
والوجه الثاني : وهو ظاهر كلام الشافعي ، وقاله ابن أبي هريرة أن الإجارة صحيحة ، وله أن يزرع النصف ، ويغرس النصف لأن جمعه بين الأمرين يقتضي التسوية بينهما ، فلو زرع جميعها جاز ، لأن زرع النصف المأذون في غرسه أقل ضرراً ، ولو غرس جميعها لم يجز لأن غرس النصف المأذون في زرعه أكثر ضرراً .
قال الماوردي وصورتها فيمن استأجر أرضاً ليبني فيها ويغرس فانقضى الأجل والبناء والغراس قائم في الأرض فليس له بعد انقضاء الأجل أن يحدث بناء ولا غرساً ، فإن فعل كان متعدياً وأخذ بقلع ما أحدثه بعد الأجل من غرس وبناء فأما القائم في الأرض قبل انقضاء الأجل فلا يخلو حالهما فيه عند العقد من ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يشترطا قلعه عند انقضاء المدة فيؤخذ المستأجر بقلع غرسه وبناءه لما تقدم من شرطه ، وليس عليه تسوية ما حدث من حفر الأرض لأنه مستحق بالعقد .
والحال الثانية : أن يشترطا تركه بعد انقضاء المدة ، فيقر ولا يفسد العقد بهذا الشرط لأنه من موجباته فلو أخل بالشرط ويصير بعد انقضاء المدة مستعيراً على مذهب الشافعي رضي الله عنه فلا تلزمه أجرة ، وعلى مذهب المزني عليه أجرة ما لم يصرح له بالعارية ، فإن قلع المستأجر غرسه وبناءه لزمه تسوية ما حدث من حفر الأرض لأنه لم يستحقه بالعقد ، وإنما استحقه بالملك . وهذا قول جميع أصحابنا ، وإنما اختلفوا في تعليله ، فقال بعضهم : العلة فيه أنه لم يستحقه بالعقد ، وهو التعليل الذي ذكرناه فعلى هذا لو قلعه قبل انقضاء المدة لم يلزمه تسوية الأرض .
والحال الثالثة : أن يطلقا العقد فلا يشترطان فيه قلعه ولا تركه فينظر ، فإن كان قيمة الغرس والبناء مقلوعاً كقيمته قائماً أخذ المستأجر بقلعه لأنه لا ضرر يلحقه فيه ، ولا نقص ،