الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص446
لا يقدر على حفرها فقد اختلف الفقهاء في قدر ما يستحقه من أجرتها بماذا يكون معتبراً فذهب الشافعي إلى أنه يقوم أجرة ما حفر وأجرة ما ترك ثم تقسط الأجر المسماة عليها فما قابل المحفور فهو القدر الذي يستحقه ولا يتقسط على عدد الأذرع لاختلاف ما بين العلو والسفل .
مثاله أن يستأجر على حفر عشرة أذرع في دور معلوم بثلاثين درهماً فيحفر خمس أذرع ويترك خمساً فيقال كم تساوي أجرة الخمس المحفورة فإن قيل خمسة دراهم قيل وكم تساوي أجرة الخمس المتروكة فإن قيل خمسة عشر درهماً جمعتهما وجعلت كل خمسة سهماً فيكون جميع السهام أربعة ثم قسمت الثلاثين التي هي الأجرة المسماة على أربعة أسهم يخرج للسهم الواحد سبعة دراهم ونصف وهو الذي يستحقه بالخمس المحفورة .
فإن قيل تساوي أجرة الخمس المحفورة عشرة وتساوي أجرة الخمس المتروكة خمسة عشر درهماً جعلت كل خمسة دراهم سهماً فتكون السهام كلها خمسة ثم قسمت الثلاثين المسماة على خمسة أسهم يخرج لكل سهم ستة دراهم فيستحق بالخمسة المحفورة اثني عشر درهماً لأن قسط ما حفر سهمان فإن قيل تساوي أجرة الخمس المحفورة عشرة دارهم وأجرة الخمس المتروكة خمسين درهماً جعلت كل عشرة سهماً فتكون السهام كلها ستة ثم قسمت الثلاثين عليها يخرج لكل سهم خمسة دراهم وهو الذي يستحقه بالخمسة المحفورة . لأن قسط عمله سهم واحد ثم على هذه المبرة فهذا مذهب الشافعي وهو قياس أصوله فيما لا يتساوى أجزاؤه .
ثم إن حفر ذراعين استحق ثلاثة دراهم لأن الأولى ذراع والثانية ذراعان صارا أثلاثاً وإن حفر ثلاث أذرع استحق ستة دراهم لأن الأولى ذراع والثانية ذراعان والثالثة ثلاث صار الجميع ستاً فإن حفر أربع أذرع استحق عشرة دراهم لأن الأولى ذراع والثانية ذراعان والثالثة ثلاث والرابعة أربع صار الجميع عشراً فهذا مذهب أبي حنيفة لأن مسافة الأذرع إذا ضوعفت متساوية فاقتضى أن تكون الأجرة على مبلغ عددها مقسطة .