الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص437
أحدهما : وهي طريقة ابن سريج وأبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة وأبي حامد المروروذي أن المسألة على قولين :
أحدهما : أن القول قول الخياط وهو مذهب ابن أبي ليلى .
والثاني : أن القول قول رب الثوب وهو مذهب أبي حنيفة . وحملوا قول الشافعي وكلاهما مدخول بمعنى محتمل لا يقطع بصحته لما يعترضه من الشبه التي لا يخلو منها قول مجتهد ثم مال إلى ترجيح أحدهما لقوته على الآخر وهو قول أبي حنيفة أن القول قول رب الثوب واختاره المزني . والطريقة الثانية لأصحابنا ولعلها طريقة أبي الطيب بن سلمة وأبي حفص بن الوكيل أن المسألة على ثلاثة أقاويل على ما حكاه المزني في جامعه الكبير منهما هذان القولان ، والثالث : أنهما يتحالفان .
والطريقة الثالثة وهي طريقة المتأخرين من أصحابنا أن المسألة على قول واحد ، أنهما يتحالفان لأنه وإن ذكر قول أبي حنيفة وابن أبي ليلى فقد رغب عنهما بقوله وكلا القولين مدخول ثم أمسك عن التصريح بمذهبه في هذا الموضع اكتفاء بما تقرر من مذهبه في اختلاف المتعاقدين ومن التخالف وما صرح به في كتاب الأجير والمستأجر .
أحدهما : أن العادة جارية بأن الخياط يعمل في الثوب ما أذن له فيه ولا يقصد خلافه وإن جرى غير ذلك فنادر فصارت العادة مصدقة لقول الخياط دون رب الثوب . والثاني : أن الخياط لما صدق على الإذن المبيح لتصرفه صار مؤتمناً فلم يقبل ادعاء رب الثوب عليه فيما يوجب غرماً لما في ذلك من الإفضاء إلى أن لا يشاء مستأجر أن يثبت غرماً ويسقط أجراً إلا ادعاء خلافاً وهذا يدخل على الناس ضرراً فحسم ، فعلى هذا يحلف الخياط بالله تعالى لقد أمره أن يقطعه قباء ولا غرم عليه .
واختلف أصحابنا هل له الأجرة أم لا على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه لا أجرة له لأن قوله إنما قبل في سقوط الغرم لأنه منكر ولم يقبل قوله في الأجرة لأنه فيها مدع فعلى هذا إن كانت الخيوط لرب الثوب لم يكن للخياط نقص الخياطة لأنها آثار مستهلكة ويصير الثوب قباء مخيطاً لربه وإن كانت الخيوط للخياط فله استرجاعها وضمان ما نقص من الثوب بأخذها إلا أن يتراضيا على دفع قيمتها .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وطائفة أن له الأجرة لأنه قد صار محكوماً بقبول قوله في الإذن فعلى هذا اختلفوا هل يستحق المسمى أو أجرة المثل على وجهين :
أحدهما : المسمى من الأجرة بتحقيق ما حكم به من قبول قوله .