الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص430
أرجح القولين في نفسه وهذا صحيح من مذهبه بل قد قال الشافعي لولا خوفي من خيانة الأجراء لقطعت القول بسقوط الضمان عنهم .
قال الماوردي : إن لتصوير هذه المسألة وحمل الجواب عليها مقدمة وهي في البيع والإجارة سواء .
فإذا استأجر لحمل صبرة إلى بلد مسمى بمائة درهم والصبرة مشاهدة وهما لا يعلمان مبلغ كيلها جاز كما لو قال بعتكها بمائة ولا يضر الجهل بتقسيط الأجرة على أجزاء الصبرة كما لا يؤثر في البيع لأن جملة الأجرة معلومة ولو قال قد استأجرتك لحملها كل قفيز بدرهم جاز وإن جهلا في الحال مبلغ جميع الأجرة لأن أجرة الأجزاء معلومة تفضي إلى العلم بجميع الأجرة كما لو قال بعتكها كل قفيز بدرهم ولو قال استأجرتك لحمل هذه الصبرة قفيزاً منها بدرهم وما زاد فبحسابه جاز أيضاً ( لأنه قد عقد على الجملة ) وذكر أجرة قفيز منها تسعير لجميعها وتكون في حكم المسألة الثانية وإن اختلف اللفظ فيهما وهكذا لو قال مثل ذلك في البيع صح وسواء أخرج الزيادة مخرج الشرط فقال على أن ما زاد فبحسابه أو لم يقل فهذه ثلاث مسائل لا يختلف الجواب فيها .
فأما مسألة الكتاب فقد قال الشافعي ولو اكترى حمل مكيلة وما زاد فبحسابه فهو في المكيلة جائز وفي الزيادة فاسد فاختلف أصحابنا في صورتها . فقال أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة صورتها أن يستأجره لحمل عشرة أقفزة حاضرة بعشرة دراهم وبحمل ما حضر بعد ذلك من طعام له غائب بحساب ذلك فتصح الإجارة في العشرة الأقفزة الحاضرة وتبطل في الزيادة الغائبة لأنها قد تحضر أو لا تحضر وقد تقل وتكثر وهكذا في البيع أيضاً ولو أخرج ذلك مخرج الشرط فقال على أن تحمل ما زاد بحاسبه بطلت الإجارة في الحاضر والغائب .
وقال آخرون من أصحابنا بل صورتها في صبرة حاضرة يعلم أن فيها عشرة أقفزة ويشك في الزيادة عليها فيستأجره لحمل العشرة الأقفزة المعلومة بعشرة دارهم والزيادة المشكوك فيها بحساب ذلك فتصح الإجارة في العشر للعلم بها وتبطل في الزيادة للشك فيها لأن المعقود عليه شيء وقع الشك في وجوده فبطل العقد فيه كما لو كان له في منزله طعام يشك في بقائه أو أكل عياله له فاستأجر لحمله كان فاسداً فعلى هذا لو جعل الإجارة في الزيادة المشكوك فيها شرطاً في العشرة المعلومة فقال على أن ما زاد فبحسابه بطلت الإجارة في الجميع وقال آخرون من أصحابنا بل صورتها في صبرة