الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص411
الآدميون والبهائم لإباحة منافعهم ما لم يكن حيواناً نجساً فإن كان نجساً كالكلب ينتفع به في صيد أو حرث أو ماشية ففي جواز إجارته وجهان بناء على اختلاف أصحابنا في منفعة الكلب هل هي مملوكة أو مستباحة فأحد الوجهين : أنها مملوكة لجواز التصرف فيها كالتصرف في منافع سائر المملوكات فعلى هذا تجوز إجارته .
والوجه الثاني : أنها مستباحة غير مملوكة لأنه لما لم يصح ملك الرقبة ولا المعاوضة عليها لم يصح ذلك في منافعها التي هي تبع لها فعلى هذا لا تجوز إجارته .
قال الماوردي : وهذا كما قال . كراء البهائم على ثلاثة أقسام :
أحدها : ما يكتري للركوب .
والثاني : ما يكتري للمحمولة .
والثالث : ما يكتري للعمل .
فأما ما يكتري للركوب فيحتاج إلى ثلاثة شروط .
أحدها : ذكر جنس المركوب من فرس أو بغل أو حمار أو بعير لأن أغراض الناس فيها مختلفة لما فيها من الجمال والقبح ولأن وطاء ظهرها متباين وسيرها مختلف فإن لم يذكر جنس المركوب بطلت الإجارة فأما ذكر نوعه وصفته فلا يلزم لأن تأثير ذلك في القيم . فإن أركبه خطماً أو قحماً أو ضرعاً فذلك معيب فله الرد فأما صفة مشيه فإن كان مما لا يختلف مشي جنسه كالبغال والحمير والإبل لم يحتج إلى ذكره في العقد .
وإن كان مما يختلف مشيه كالخيل وصف مشي المركوب من مهملج أو قطوف فإن أخل بذلك احتمل وجهين :
أحدهما : صحة الإجارة وركب الأغلب من خيل الناس . والثاني : بطلانها لما فيه من التباين واختلاف الأغراض وهذا فيما وصف بالعقد ولم يعين . فأما ما عين بالعقد فلا يحتاج إلى ذلك فيه فيصير المركوب معلوماً بأحد وجهين : إما بالتعيين والإشارة وإما بالذكر والصفة ويصح العقد فيهما وهما في صحة العقد على سواء وإن اختلفا في بعض الأحكام ، والشرط الثاني تعيين الراكب بالمشاهدة دون الصفة فإن وصف الراكب من غير تعيين ولا مشاهدة لم يجز لاختلاف حال الراكب في بدنه وحركاته التي لا تضبط بالصفة .