الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص389
اسْتَأْجَرْتَ القَوِيَّ الأَمِينَ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِي حِجَجٍ ) ( القصص : 26 – 27 ) فذكر الله تعالى أن نبياً من أنبيائه آجر نفسه حججاً مسماة ملك بها بعض امرأة فدل على جواز الإجارة .
واختلفوا هل كان استئجار موسى لحجج تؤدى أو لعمل يستوفى فقال قوم بل كان على حجج استدلالاً بظاهر اللفظ وجعلوا ذلك دليلاً على جواز الإجارة على الحج . وقال آخرون : بل كان على عمل وهو رعي غنم ثماني سنين .
والعرب تسمي السنة حجة لأنه لا يقع في السنة الواحدة إلى حجة واحدة .
قال الشاعر :
واستدل أبو إسحاق المروزي على جواز الإجارة من الكتاب بقوله تعالى في قصة موسى والخضر عليهما السلام : ( فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجْراً ) ( الكهف : 77 ) .
فدل ذلك من قول موسى عليه السلام وإمساك الخضر . على جواز الإجارة واستباحة الأجرة ويدل على ذلك من طريق السنة رواية أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ أعطوا الأجير أجرته قبل أن يجف عرقه ‘ وروى أبو سعيد الخدري وأبو هريرة أن النبي ( ص ) قال : لا يستام الرجل على سوم أخيه ولا يخطب على خطبته ولا تناجشوا ولا تبيعوا بإلقاء الحجر ومن استأجر أجيراً فليعلمه أجره .
وروي عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجلٌ باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره . ورجل أعطى بي صفقة يمينه ثم غدر وروي أن النبي ( ص ) قال : أيعجز أحدكم أن يكون كصاحب الفرق وذكر قصة ثلاثةٍ من بني إسرائيل أن أحدهم استأجر أجيراً بفرق من بر فعمل ولم يأخذ أجرته فزرعه له حتى نما وصار قدراً عظيماً ثم عاد الأجير فدفع إليه جميعه .