الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص378
وعلى الثلث من آخر لم يذكره وعلى الربع من آخر لم يميزه كان العمل باطلاً وللعامل في ذلك أجرة مثله إن عمل .
قال الماوردي : اعلم أن عقد المساقاة بينهما لا يخلو من أربعة أقسام :
أحدها : أن يبينا فيه نصيب كل واحد منهما ، مثل أن يقول رب النخل على أن لي نصف الثمرة ، ولك نصفها أو لي ثلثاها ولك ثلثها ، فهذا وضح أحوالهما في إبانة نصيب كل واحد منهما ، وأوكد ما يتعاقدان عليه .
والقسم الثاني : أن يبين نصيب العامل ودون رب النخل مثل أن يقول قد ساقيتك على أن لك أيها العامل ثلث الثمرة ، فالمساقاة جائزة ، ويكون الباقي بعد ثلث العامل لرب النخل لأن جميعها على أصل ملكه ، وصار كالعموم إذا خص بعضه كان باقيه محمولاً على موجب عمومه .
والقسم الثالث : أن يبين رب النخل نصيب نفسه دون العامل ، مثل أن يقول قد ساقيتك على أن لي ثلث الثمرة ، فمذهب المزني أن المساقاة في ذلك باطلة ، وهو قول جمهور أصحابنا .
وقال أبو العباس بن سريج وأبو العباس ابن القاص : أن المساقاة جائزة لأن قوله ساقيتك يوجب اشتراكهما في الثمرة فكان بيانه لنصيب نفسه دليلاً على أن الباقي للعامل كما كان بيانه لنصيب العامل دليلاً على أن الباقي لنفسه وصار كقوله تعالى : ( وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ ) ( النساء : 110 ) فعلم أن الباقي بعد ثلث الأم للأب ، وهذا الذي قاله أبو العباس خطأ ، والفرق بين الموضعين أن الثمرة لرب النخل ، فإذا بين سهم العامل منها صار استثناء خالف حكم الأوصل فصار بياناً ، وإذا بين نصيب نفسه لم يكن ذلك استثناء لأنه وافق حكم الأصل ، إذ جميع الثمرة له ، فلم يصر بياناً .
ويشبه أن يكون اختلاف المزني ، وأبي العباس محمولاً على اختلاف حكم هل هو شريك أو أجير ، فحمل المزني ذلك من قوله على أن العامل أجير ، وحمل أبو العباس ذلك من قوله على أن العامل شريك .