الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص367
فأحد الوجهين جوازه لأنه تبع لأصل صار إلى مشترٍ واحد فصار كما لو جمعهما في عقد واحد .
والوجه الثاني : أنه لا يجوز لتفرد كل عقد بحكمه .
فإن قيل : فإذا جوزتم المخابرة على البياض تبعاً للمساقاة على النخل فهلا جوزتم إجارة النخل والشجر تبعاً لإجارة الأرض .
قيل : الفرق بينهما أن المساقاة والمخابرة لا تتجانسان لأنهما أعيان تؤخذ من أصول باقية فجاز العقد عليهما تبعاً لتجانسهما ، وإجارة النخل والأرض مختلفتان لأن منافع الإجارة في الأرض آثار ومنافع الإجارة في النخل أعيان فلم يجز العقد عليهما تبعاً لاختلافهما .
أحدهما : تجوز المساقاة في الزرع تبعاً للمساقاة في النخل كما تجوز المخابرة تبعاً والوجه الثاني : أن المساقاة في الزرع لا تجوز تبعاً ، وإن جازت المخابرة تبعاً .
والفرق بينهما أن المساقاة على الزرع هي استحقاق بعض الأصل والمخابرة على الأرض لا يستحق فيها شيء من الأصل .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، لا يجوز للعامل في المساقاة أن يزرع البياض الذي بين النخل إلا بعقد من مالكه أو إذن من جهته .
وقال مالك : له أن يزرع البياض بغير إذن مالكه إذا كان أقل من الثلث استدلالاً بأن ما كان تبعاً للعقد ودخل فيه بغير شرط كالحمل واللبن في الضرع .
وهذا خطأ ؛ لأن العقود لا يدخل فيها إلى المسمى بها . وليس كل ما صح دخوله فيها تبعاً بشرط دخل فيها تبعاً بغير شرط ، ألا ترى أن مال العبد يصح دخوله في العقد تبعاً بشرط ولا يدخله تبعاً بغير شرط ، وكذلك الثمرة المؤبرة تتبع النخل بشرط ولا تتبعها بغير شرط ، وفارق ذلك الحمل واللبن ، لأنهما مما لا يجوز العقد عليهما مفرداً بوجه ، فجاز أن يكونا تبعاً لأصلهما بغير شرط ، وليس كذلك مال العبد والثمرة ، لأن إفراد العقد عليهما قد يجوز على وجه فلم يجز أن يتبع أصله بغير شرط ، كذلك بياض الأرض لما جاز أن يفرد العقد عليه بالإجارة لم يجز أن يكون تبعاً بغير شرط .