الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج7-ص15
وأما ما ذكره من نصب الزكوات فلو جاز أن يتقدر في الذهب والورق بالنصاب منهما لتقدر في المواشي بالنصب فيها ، ثم المال لا يختص بالذهب والورق دون غيرهما فلم يجعله مختصاً به أو مقدراً فيهما وهلا جعله في الأموال ومقدراً بنصاب من كل مال .
وأما الجواب عن استدلال مالك بحديث عائشة فهو أنه دال على أن التافه مما لا يقطع فيه اليد ليس يدل على أن ما ليس بتافه تقطع فيه اليد كالغاصب والجاني على أنها أرادت تافهاً في وجوب القطع لا أنه تافه في الجنس والقدر .
وأما الجواب عن قوله أنه أقل المقادير الشرعية فهو أنه يسوغ الاستدلال بذلك فيما قد اتفق على أنه مقدر ، فإذا حصل الخلاف في القدر كان الأولى رده إلى الأقل ولا يسوغ أن يستدل به فيما اختلف فيه هل هو مقدر أو غير مقدر ؟
فأما الجواب عن استدلال الليث بقوله تعالى : ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ في مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ) فقد اختلف الناس في عددها على أنه عدد المواطن الكثيرة لا المال الكثير .
قال الشافعي رضي الله عنه لأنه قد يكذب الشهود فلو قال : له عليّ أكثر مما لزيد عليّ ثم بينه بدرهم وأقر لزيد بألف درهم قبل منه لأنه قد يريد بالأكثر في أنه حلال وبالأقل في أنه حرام لأن الحلال كثير والحرام قليل ، فلو قال : له عليّ أكثر مما لزيد جنساً ثم أقر لزيد بمئة دينار ذهباً لم يقبل منه ما أقر به إلا من الدنانير والذهب قليلاً بين أو كثيراً لاحتمال قوله أكثر في الحلال دون القدر ولزم أن يكون من جنس مال زيد . فلو قال : له عليّ أكثر ما لزيد عدداً ثم أقر لزيد بمئة دينار لزمه أن يبين أكثر من مئة وسواء بين من الدنانير أو من غيرها .
فلو قال له عليّ أكثر مما لزيد عدداً وجنساً ثم أقر لزيد بمئة دينار ، لم يقبل منه إلا بأكثر من مئة دينار ولو بأدنى زيادة ، لأنه قد أزال الاحتمال بذكر الجنس والعدد .
فلو ابتدأ المدعي فقال : لي عليك مئة دينار ، فقال لك عليّ أكثر منها ثم بين درهماً