الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص552
وإن لم يكن لمدعي الوكالة بينة يثبت بها الوكالة لم يلزم من عليه الحق أن يدفعه إلى مدعي الوكالة . سواء صدقه على الوكالة أو كذبه .
وقال أبو حنيفة والمزني إن صدقه على الوكالة لزمه دفع المال إليه كالمصدق لمدعي ميراث رب المال يلزمه دفع المال إليه . وهذا خطأ من وجهين :
أحدهما : وهو تعليل أبي إسحاق أنه دفع لا يبرئه من حق الوكيل عند إنكار الوكالة ومن لم يبرأ بالدفع عند إنكار لم يجر عليه . ألا ترى أن من عليه حق بوثيقة فله الامتناع عن الدفع إلا بإشهاد صاحب الحق على نفسه . ولو لم تكن عليه وثيقة ففي جواز امتناعه من الدفع لأجل الشهادة وجهان : –
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق له أن يمتنع لأن لا يتوجه عليه يمين عند ادعائه بعد دفعه .
والثاني : ليس له أن يمتنع ولا يلزم صاحب الحق الإشهاد لأنه إذا أنكر الحق بعد أدائه حلف بارا .
والتعليل الثاني هو تعليل أبي علي بن أبي هريرة . أنه مقر في ملك غيره ومدع عقد وكالة لغيره فلم تقبل دعواه ولم يلزم إقراره . ألا ترى أن من عليه الحق لو أقر بموت صاحب الحق وأن هذا الحاضر وصيه في قبض دينه لم يلزم دفع المال إليه ، وإن أقر باستحقاق قبضه فكذا الوكيل فأما اعترافه للوارث بموت صاحب الحق فيلزمه دفع المال إليه . والفرق بينه وبين الوكيل أنه مقر للوارث بالملك فيلزمه الدفع لأنه ليس يبرأ به من الحق ولا يصير الوكيل مالكا ولا يبرأ بقبضه من الحق .
فأما إن أقر من عليه المال بأن صاحبه قد أحال هذا الحاضر به . فهل يلزمه دفع المال إليه بإقراره أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يلزمه لأنه مقر بالملك فصار كإقراره للوارث .
والثاني : لا يلزمه لأنه لا يبرأ بالدفع عند الجحود فصار كإقراره بالتوكيل .
ولا يجوز مع تكذيبه للوكيل أن يدفع إليه المال . وإن صدقه على الوكالة لم يلزمه دفع المال إليه لما ذكرنا ، لكن يجوز له في الحكم أن يدفعه إليه . فإن دفعه إليه وقدم صاحب الحق فلا يخلو حاله من أحد أمرين : إما أن يعترف بالوكالة أو ينكرها ، فإن اعترف بها بريء