الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص550
فأما إن اشترى الوكيل في شراء العبد الواحد نصفه لم يلزم الموكل عقده لما دخل عليه من المشاركة التي يستضر بها . والله أعلم .
وهو أيضا حجة عليه . فإن فرق أبو العباس بأن المعين على ثمنه ليس للوكيل اجتهاد في الزيادة عليه فصار متطوعا بها . وله في غير المعين على ثمنه اجتهاد فيه فلم يكن متطوعا بها . كان فرقه منتقضا بالبيع حيث بطل بنقصان الثمن في المقدر وغير المقدر .
فلو قال الموكل لوكيله وقد اشترى العبد بأكثر من ثمنه قد أجزته وقبلت الشراء بأكثر من ثمنه ، لم يكن له ذلك لأن الشراء بالمخالفة قد صار للوكيل فلم ينتقل إلى الموكل بالإجازة والقبول .
وقال ابن سريج : للموكل قبول الشراء بالثمن الزائد ويصير الملك له بالقبول وليس للوكيل منعه منه لأنه إنما صرف عقد الشراء عنه بالثمن الزائد نظرا له فلما سامح في النظر بالزيادة كان أحق به ، قيل : أليس لو كانت الوكالة في البيع فباع بأقل من الثمن كان العقد باطلا ولم يصح بإجازة الموكل ؟ قال : نعم والفرق بين البيع والشراء أن بيع الوكيل بمخالفته يكون فاسدا فلم يصح بالإجازة . وشراء الوكيل مع مخالفته يكون صحيحا لنفسه فصحت فيه الإجازة .
فكقوله : اشتر لي عبدا بماية درهم . فإن وصف العبد بما يتميز به مراده من العبيد صح وإن لم يصفه فقد اختلف أصحابنا هل يقوم ذكر الثمن مقام الصفة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه يقوم مقام الصفة لتمييز العبد به عن غيره ، فعلى هذا تصح الوكالة في ابتياعه .
والوجه الثاني : لا يقوم مقام الصفة لأن ذكر الثمن لا يدل على جنس من العبيد دون غيره في الأجناس . فعلى هذا تكون الوكالة على مذهب الشافعي باطلة . وعلى مذهب من أجاز إطلاقها من أصحابنا جائزة . فإذا اشترى العبد بالمائة التي عينها ونص عليها وهو يساوي مائة صح . وإن كان لا يساوي مائة لم يلزم الموكل . ولو اشتراه له بأكثر من مائة ولو بقيراط ، وهو يساوي ما اشتراه به لم يلزم الموكل للمخالفة فيه .