پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص534

أحدهما : وهو قول أبي علي الطبري ذكره في إفصاحه : إن الشرى جائز وهو للموكل لازم لأن العقد على المعين أحوط .

والوجه الثاني : وهو اختيار أبي حامد الإسفراييني أن الشرى باطل ، لا يلزم الوكيل لأنه غير مالك للعين ولا يلزم الموكل لأن الوكيل قد فوت عليه غرضا لأن العقد في الذمة لا يبطل بتلف الثمن . فصار فعل الوكيل مخالفا لأمر الموكل . فلو امتثل الوكيل أمر موكله واشترى العبد بثمن في ذمته ثم نقد الثمن من عنده بري الوكيل والموكل منه . ولم يكن للوكيل أن يرجع على الموكل لأن أمره بنقد هذا المال في الثمن يتضمن نهيا عن نقده من غيره .

والقسم الثالث : أن يطلق الإذن في الشرى عند دفع المال . فيقول : خذ هذا المال فاشتر لي عبدا . فقد اختلف أصحابنا هل يكون إطلاقه مقتضيا للتعيين أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي علي الطبري : إنه يقتضيه لأن تقديم الثمن على العبد شاهد فيه . فعلى هذا إن اشترى في ذمته كان الشرى لازما للوكيل دون الموكل .

والوجه الثاني : وهو قول البصريين : إنه لا يقتضي التعيين لأن الإطلاق على العموم . فعلى هذا يكون الوكيل مخيرا بين العقد على العين أو في الذمة . فهذا شرح المقدمة .

( فصل )

فإذا تقرر ما وصفنا فصورة مسألة الكتاب في رجل دفع إلى رجل مالا ليشتري له به طعاما ، فتسلف المال قرضا ثم اشترى له بمثله من ماله طعاما . فالشرى غير لازم للموكل سواء كان الموكل قد أذن في الشرى بعين المال أو في الذمة .

وقال أبو حنيفة : الشرى لازم للموكل سواء كان الإذن بالعين أو في الذمة وهذا خطأ لأن الوكالة بتلف المال واستهلاكه باطلة لانعقادها به . وإذا بطلت الوكالة وانعزل الوكيل فعقده لازم لنفسه دون موكله .

فلو أن الوكيل لم يستهلك المال ولكن تعدى فيه تعديا صار له به ضامنا فقد اختلف أصحابنا هل ينعزل بتعديه عن الوكالة أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : ينعزل عن الوكالة بالتعدي لأنه مؤتمن كالمودع الذي ينعزل بالتعدي عن الوديعة فعلى هذا يكون الشرى لازما للوكيل دون موكله .

والوجه الثاني : وهو قول أبي علي الطبري إنه على الوكالة لا ينعزل عنها بالتعدي مع بقاء الملك كالمرتهن لا يبطل الرهن بتعديه وإن كان مؤتمنا . فعلى هذا يكون الشرى لازما للوكيل .