پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص479

وقال أبو حنيفة : ليس لواحد من الشريكين على صاحبه أجرة في عمله لأن العمل في الشركة لا يقابل شيئا من الربح فلم يكن لوجوده تأثير وهذا خطأ ؛ لأن حكم الشركة إذا زال بفسادها غلب فيها حكم الوكالة على عوض فاسد وذلك موجب لأجرة المثل .

( فصل )

وأما القسم السادس وهو شركة الأبدان : وهو أن يشترك صانعان ليعملا بأبدانهما ويشتركان في كسبهما فهذه شركة باطلة وقال مالك : تجوز إذا كانا متفقي الصنعة ولا تجوز إذا كان مختلفي الصنعة وقال أبو حنيفة تجوز مع اتفاق الصنعة واختلافها ولا تجوز في الأعيان المستفادة بالعمل كالاصطياد والاحتطاب .

وقال أحمد بن حنبل : تجوز في كل ذلك حتى في الاصطياد والاحتشاش استدلالا بما روي أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر رضي الله عنهم . اشتركوا فيما يغنمونه يوم بدر . فغنم سعد بعيرين وقيل بل أسر أسيرين ولم يغنم الآخران شيئا واقتسموا هذه الشركة في الأبدان لا في الأموال وقالوا ولأن الناس في عهد رسول الله ( ص ) وإلى وقتنا هذا يتشاركون بأبدانهم فلا يتناكرونه ولا ينكر عليهم فصار ذلك إجماعا منهم ولأنه نوع شركة فوجب أن يكون منها ما يصح كشركة الأموال ولأن عمل البدن أصلا قد يستفاد به المال إذا انفرد والمال فرع عليه لا يستفاد به النماء إلا مع العمل فلما صحت الشركة في الأموال فأولى أن تصح في أعمال الأبدان ولأن العامل في القراص شريك ببدنه في مال غير مماثل لعمله فكانت الشركة في أعمال الأبدان المماثلة أولى . ودليلنا نهيه ( ص ) عن الغرر وشركة الأبدان غرر . لأنه قد يعمل أحدهما ولا يعمل الآخر وقد يعمل أحدهما أقل من الآخر ولأنها شركة عريت عن مشترك في الحال فوجب أن تكون باطلة أصله إذا اشتركا فيما يستوهبانه . ولأنها شركة في منافع أعيان متميزة فوجب أن تكون باطلة إذا اشتركا في بعيرين لا يؤجراهما ويشتركا في أجرتهما . ولأن المقصود من شركة الأبدان هو العمل ، كما أن المقصود من شركة الأموال هو المال فلما كانت الجهالة بقدر المال فوجب فساد الشركة ووجب أن تكون الجهالة بالعمل توجب فساد الشركة والعمل مجهول بكل حال لأن ما يعمله كل واحد منهما غير مقدر . وقد يمرض فلا يعمل ويتحرر من اعتلال هذا الاستدلال قياسان أحدهما هو أن وقوع الجهالة بحصة كل منهما يمنع من صحة الشركة كما لو خلطا مالين لا يعرفان قدرهما والثاني هو أنها معاوضة لو كانت في الأموال بطلت بالجهالة فوجب إذا كانت في الأعمال أن تبطل بالجهالة أصله إذا قال قد استأجرتك لتبني لي على ألا أضبع لك .

وأما الجواب عن استدلالهم في اشتراك سعد وابن مسعود وعمار رضي الله عنهم فيما يغنمون فهو أن حكم الغنيمة أن الشركة فيها واقعة بالعمل دون الشرط ألا ترى أنه لما لم يكن بين الغانمين شرط كانت غنيمة أحدهم شركة بينهم .